أقلام واعدة
مرحباً بك عضواً جديداً في منتدى أقلام واعدة
أقلام واعدة
مرحباً بك عضواً جديداً في منتدى أقلام واعدة
أقلام واعدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أقلام واعدة

إشراف المعلم: سلامة رزق الله
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصيدة رثاء الممالك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المعلم
المدير العام



عدد المساهمات : 1981
تاريخ التسجيل : 27/08/2007
العمر : 65

قصيدة رثاء الممالك  Empty
مُساهمةموضوع: قصيدة رثاء الممالك    قصيدة رثاء الممالك  Emptyالأحد 28 نوفمبر 2010, 20:18

q رثاء الممالك

q الأفكار :

جاءت أفكار النص في مجملها تخدم الموضوع الذي تناوله الشاعر ، يبدأ نصه بحكمة وبمبدأ ( لكل شيء إذا ما تم نقصان ) ، ( من سره زمن ساءته أزمان ) في إشارة إلى أن الموضوع المتحدث عنه يشير إلى التغيير من الحسن إلى السيئ ) وينتقل للحديث عن لب الموضوع : ما أصاب ويصيب بلاد الأندلس من مصائب عظيمة تصعب المواساة فيها ( دهى الجزيرة أمر لا عزاء له ) ، اهتزت لهولها جبال شبه الجزيرة العربية ، وبكت الشريعة الإسلامية آسفة على فقدان مواقع لها ( بكت الحنيفية البيضاء من أسف …… علـى ديار من الإسلام خالية ) وحلول الكفر بدل الإيمان فيها ، وبالغ شاعرنا فأبكى المحاريب والمنابر على الإسلام المفقود في الأندلس.

ثم وجه حديثه للجيوش الإسلامية المدججة بالسلاح والقادرة على إحداث التغيير وجلب النصر ( يا راكبين عتاق الخيل ضامرة ) ، ( حاملين سيوف الهند مرهفة ) والذين يعيشون بسبب هذه القوة حياة رغد ودعة ( راتعين وراء البحر في دعة ) ، ( لهم بأوطانهم عز وسلطان ) حتى أنهم ما عادوا يهتمون بأنباء المسلمين في البلدان الأخرى ، رغم أن المسافرين يتناقلون هذه الأنباء والأحداث ( سرى بحديث القوم ركبان ) ، ويتحدثون عن استغاثة الأندلسيين دون استجابة ( كم يستغيث بنو المستضعفين وهم أسرى وقتلى فما يهتز إنسان )

ويوج لومه إلى البلدان الإسلامية المتنافرة ( ماذا التقاطع في الإسلام بينكم ) ، رغم ما يدعو إليه الإسلام من إخاء . ويتساءل ألا توجد( نفوس أبيات لها همم ) تعيد الإسلام إلى الأندلس . ويتحدث عن حال الأندلسيين بعدما حل بهم ( يا من لذلة قوم بعد عزهم ) وعن حيرتهم بدون قائد أو مرشد لهم ( حيارى لا دليل لهم ) يهربون من الأسر والبيع كعبيد ( لو رأيت بكاهم عند بيعهم لهالك الأمر واستهوتك أحزان ) ويقدم مثالاً لذلك ( أم وطفل حيل بينهما كما تفرق أرواح وأبدان ) وهي مواقف تذيب قلوب المسلمين حزناً وأسى ، فهل بقي مسلمون ومؤمنون ……….

q أسلوب وطريقة العرض :

كتب الشاعر نصه في القرن الهجري السابع ، تدفعه مشاعر الألم لما يحل بالإسلام والمسلمين في الأندلس ، لذا جاءت عاطفته مزيجاً من العاطفة الذاتية والدينية ، واستخدم ألفاظاً دالة على المعاناة والحزن ، ولأن غرض الشاعر استثارة همم الأمة الإسلامية لنصرة إخوانهم فقد استخدم مفردات سهلة مألوفة ، وإن احتوت على ألفاظ جديدة علينا ، فمرد ذلك المسافة الزمنية بين وقت كتابة القصيدة وتلقي السامع لها .

يبدأ الشاعر نصه برأي ومبدأ وحكمة ، فعبارته تحوى الثلاثة ، يقول ( لكل شيء إذا ما تم نقصان ) فبعد أن يصل الشيء في مراحل نموه إلى تمام النضج والكمال حتى يبدأ في التناقص ، قدرة وكمالاً وهذا ما فهمه المسلمون والصحابة من قوله تعالى على لسان رسوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) فاستشعروا قرب انتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى فكأننا في بداية حياتنا نصعد إلى أعلى منحنى النمو والكمال والتمام فمتى وصلنا القمة نبدأ بالانحدار ، أي يتناقص هذا الكمال هبوطاً إلى الانتهاء ، وينطبق هذا المبدأ على الإنسان ، كما ينطبق على الدول وهذا ما ذكره ابن خلدون في مقدمته ……… وقدم شبه الجملة( لكل شيء ) للتعميم ، واستخدم اسم الشرط ( إذا ) الذي يؤكد ما بعده ( النقصان بعد التمام ) ، و ( ما ) بعد ( إذا ) زائدة ، والتضاد بين ( تم ) و ( نقصان ) لتوضيح المعنى ولا يفيد هنا الشمول ، وأصل أسلوب الشرط : ( إذا ما تم كل شيء بدأ نقصه ) ، أو ما شابه ، وتأتي النتيجة ، أو التطبيق لهذا المبدأ ( فلا يغر بطيب العيش إنسان ) و ( لا ) ناهية ، و ( يغر ) فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه سكون مقدر للتعذر بسبب التقاء ساكنين : حرف الراء الأول والثاني المدغم ، والراء آخر الفعل المضارع ، والعرب استبدلت بالسكون الثاني في هذا الموقع أحد أمرين : ضم الراء الثانية ( فلا يغرُّ ) أو فتحها ( لا يغرَّ ) والفتح أخف في النطق وأدل على حدوث تغيير في الإعراب ناجم عن دخول لا الناهية ، وحتى لا يحدث التباس بلا النافية ، التي لا تعمل في الفعل المضارع ، وقدم ( طيب العيش ) للتحديد ، وقيل بل لضبط الوزن ، وربما للأمرين معاً . وجاءت ( إنسان ) نكرة للتعميم .

ويكمل ( هي الأمور كما شاهدتها دول ) و ( هي ) ضمير الشأن أو القصة أو الحكاية ……… مبتدأ مبني في محل رفع والجملة الاسمية ( الأمور دول ) في محل رفع الخبر ، وقيل : بل هي مبتدأ ، والأمور : بدل منها ودول خبر المبتدأ ، و ( أل ) في ( الأمور ) جنسية لا عهدية ، فلا تكسبها تعريفاً ، و ( شاهد ) الشيء رآه ، أو عايشه أو عاصره ، أو تأمله وحلله ، فاكتشف أنها لا تبقى على حال ، أو كما يقولون : ( بقاء الحال من المحال ) ……… ويصل من خلال خبرته إلى تعميم أو مبدأ ( من سره زمن ساءته أزمان ) ومع أن الأفعال المستخدمة ماضوية إلى أنها من خلال صوغها في مبدأ أو تعميم اكتسبت معنى الاستمرار ( الماضي والحاضر والمستقبل ) واستخدم ( زمن ) مع ( سره ) و ( أزمان ) مع ساءته ليشير إلى طول فترة الشقاء ، وقصر فترة السعادة .

ونقف مع الشاعر عند هذا التقديم الذي يرى فيه أن من الطبيعي أن يخلف الكمال نقصاناً وأن الحزن يفوق السرور في امتداده الزمني وفي الإحساس به ، وكأنه يقول : إن ما حدث في الأندلس يتفق مع طبيعة الأمور ، ومع المبادئ الكونية ، ونتساءل : إذا كانت هذه سنة الحياة ، فأين التناقض ، ولماذا نحزن نستاء من الأشياء العادية والمتوقعة . إن إدراك هذه المبادئ يخفف من إحساسنا بالمصيبة ، ويجعلنا أكثر تقبلاً لها ، ورضا بواقعنا الجديد لكننا نحزن عند وفاة عزيز علينا ، مع إدراكنا أن الموت حق ………… ومع هذا فنحن لسنا مع هذا التقديم رغم موافقتنا على المبادئ المذكورة لأنه يتنافى واستثارة الهمم لرفض ما حل بالأندلس ، والتصدي له بالقوة ، وهذا أحد أغراض الشاعر من نصه . فليس هذا الموقع المناسب للاستشهاد بالمبادئ المذكورة . وربما رأى البعض أن الحديث في البيتين السابقين موجه إلى الحكام والقادة والخلفاء المسلمين ، فحالكم هذا من قوة وعز ورفاهية حال غير دائم ، وسيأتيكم زمن تحتاجون فيه إلى مساعدة الآخرين ، وربما تستغيثون استغاثاتم ، فاتعظوا ، وانهضوا لنصرة إخوانكم ، فالبيتان بهذه الرؤية ، يحملان معاني الحث والاستنهاض . وينتقل بعد ذلك إلى عرض ما حل بالأندلس فيقول : ( دهى الجزيرة أمر لا عزاء له ) و ( دهى ) أصابها بداهية ، أي مصيبة عظيمة ، وقصد بالجزيرة الأندلس ، وجاءت ( أمر ) نكرة لتفيد التضخيم ، وهي نكرة غير محضة بسبب وصفها بـ ( لا عزاء له ) والعزاء : المواساة والتسرية للتخفيف عن المصاب ، و ( لا ) نافية للجنس ، أي نافية لأي عزاء ممكن أو محتمل والعبارة تشير إلى عظم المصيبة التي حلت ، وهي داهية لا ينحصر أثرها في بلاد الأندلس ، بل يمتد إلى كل البقاع الإسلامية ، فنرى جبل أحد قد هوى وجبل ثهلان انهد . ويختلف معنى ( هوى ) عن معنى ( انهد ) ، فـ ( هوى ) تعني سقط من أعلى إلى أسفل ، وتحطم بسبب سقوطه ، و ( هوى ) أيضاً ثكل ، أما ( انهد ) فتعني : وهن وضعف ، كما تعني انكسر بشدة وبصوت ، والانكسار مادي ومعنوي ، وإذا كان ( أحد ) يرتبط بذاكرة الإسلام والمسلمين وشهد انتصار المسلمين وهزيمتهم ، فنحن لا نجد مناسبة لاختيار جبل ( ثهلان ) إلا إتمام القافية والميزان الشعري وقد يرى البعض أن جبل ( أحد ) ليس الاختيار الأنسب ، لأنه ارتبط في أذهان المسلمين بالهزيمة ، لا بالنصر . وقد يكون سبب الاختيار يرتبط بحجم الجبلين ( أحد وثهلان ) وكونهما من أضخم جبال شبه الجزيرة العربية ، أي يفترض أن يكونا أكثر تحملاً من غيرهما .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://dar-alkalima.forumotion.com
المعلم
المدير العام



عدد المساهمات : 1981
تاريخ التسجيل : 27/08/2007
العمر : 65

قصيدة رثاء الممالك  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصيدة رثاء الممالك    قصيدة رثاء الممالك  Emptyالأحد 28 نوفمبر 2010, 20:19

ويكمل الشاعر ( تبكي الحنيفية البيضاء من أسف كما بكى لفراق الألف هيمان ) و ( الحنيفية ) كناية عن الإسلام ، دين الحق والعدل والخير و ( البيضاء ) كناية عن سماحتها ونقائها وعطائها والإسلام يبكي حزناً وأسى على ما أصاب مدن الأندلس من انهيارات وضياع ، ويشبهه بألم الفراق الذي يصيب الهيمان ( شديد الحب والوجد ) إذا فارقه أليفه ( حبيبه ) الذي يألفه ، وهي مقارنة نرى أن الشاعر لم يوفق فيها ، فرغم وجه الشبه الذي سعى إليه الشاعر ( شدة الألم وعظم المصاب ) إلا أن مقارنة سقوط مدن الأندلس ، بفراق المحب ليست بالاختيار الأنسب لإظهار عظم المصاب ، فلسنا في موقف استحضار صورة محب فقد حبيبه …… فاختيار الصورة المقدمة للمشابهة لا يحقق مشاعر الحزن والأسى بل قد تستحضر نفوراً واستهجاناً ، من هذه العلاقة التي قد توحي بالعشق والخروج عن روح الإسلام …………

ويبين الشاعر سبب بكاء ( الحنيفية البيضاء من أسف ) فيقول مكملاً :(على ديار من الإسلام خالية. ) و ( ديار ) جمع دار وتعني هنا المدن ، وقدم ( من الإسلام ) لتحديد سبب البكاء ، وقيل لضرورة الوزن ولعله للأمرين معاً ، و ( خالية ) لا تفي بالغرض ، وربما كان الأفضل ( أخليت ) أو أوجدت على الإخلاء لن خالية قد تفيد لم يصلها الإسلام سابقاً ، لكنه يعود ليوضح مضمون خالية : ( قد أقفرت ) ، و ( أقفرت ) تعني كانت عامرة ثم تحولت ، فوزن ( أفعل ) من معانيه الصيرورة أي صارت قفراً ، وبعد أقفرت محذوف تقديره ( من الإسلام ) .

ويكمل ( ولها بالكفر عمران ) وشبه الجملة ( لها ) في محل رفع خبر مقدم ، ولا يصلح ( بالكفر ) خبراً لعمران ، ونحن لسنا مع وصف حال الكفر ( عمران ) فالعمران للبناء وتحسن الحال والتمدن ، ولا نعتقد بأن الشاعر رأى ذلك .

ويكمل الشاعر : ( حتى المحاريب تبكي وهي جامدة ، حتى المنابر ترثي وهي عيدان ) و ( حتى ) هنا ابتدائية غائية ، فقد تأثرت كل الموجودات حتى وصل التأثر للمحاريب فأخذت تبكي ، والمحراب موضع الإمام ، والمنبر : مكان يرتفع يرتقيه الخطيب أو الواعظ ، يكلم فيه الجميع ، والمحاريب والمنابر مواضع في المساجد ، ومن الطبيعي أن تتأثر ، بل وتأثرها يسبق غيرها من الموجودات خاصة وأنه لم يحدد موقع هذه المحاريب والمنابر ، فجعلها بذلك في كل بقعة إسلامية وقيل بل منابر جوامع الأندلس ، ونحن نرى أن الشاعر لم يوفق في استخدام ( حتى ) في هذا الموضع لأن المحاريب لارتباطها بالإسلام الأسرع تأثراً ، و ( حتى ) لغائيتها تجعل ما بعدها نهاية ، فآخر من تأثر المحاريب والمنابر …… وقد يقول قائل ، أن ما ذهب إليه الشاعر : أن التأثر تجاوز الإنسان بل والكائنات الحية ووصل إلى الجماد ، والمحاريب والمنابر الجامدة تأثرت وعبرت عن مشاعرها ، ولكن الأجسام غير الحية كثيرة ، وكان بإمكانه اختيار غيرها …… حتى الصخور أو الجبال …… بكت .

ومن ناحية أخرى فقد وفق في جعل المحاريب تبكي ، والبكاء للأحياء ، بل للعاقل منها والمحاريب جامدة صلبة ، كما وفق في ربط المنابر ( مواقع الخطابة ) بالرثاء ؛ والرثاء إظهار المناقب والإشادة بإنجازات وشخصية الفقيد ، والعيدان الأغصان أو الأخشاب ، وهي الأصول التي تصنع منها المنابر .

ويكمل ( يا راكبين عتاق الخيل ضامرة كأنها في مجال السبق عقبان ) ، والشاعر هنا يوجه حديثه إلى خلفاء المسلمين ، أو إلى المقاتلين من فرسان الإسلام ، والمدافعين عن الإسلام وثراه ، وعتاق الخيل أروعها وأفضلها ، أي أكثرها أصالة وقدرة ودربة لذا فهي نحيفة ضامرة ، يملؤها النشاط والحيوية ، وهي في سرعتها واندفاعها كأنها عقبان ، والعقبان مفردها عقاب من الطيور الجارحة التي تتصف بالقوة وسرعة الانقضاض على فرائسها ، ونحن نعتقد أن بعد ( مجال السبق ) محذوف ، تقديره للحاق بالفريسة أو بالعدو و ( مجال السبق ) قد يكون وجه الشبه ، فهما يتشابهان في سرعتهما أثناء السباق ، وقد يقصد بـ ( مجال السبق ) أرض المعركة ، ويكون وجه الشبه سرعة الانقضاض ودقته . و( راكبين ) نداء منصوب لأنه شبيه بالمضاف . وعطف عليه ( وحاملين سيوف الهند مرهفة كأنها في ظلام النقع نيران ) ، و ( سيوف ) كـ ( عتاق ) تعرب مفعولاً به منصوباً لاسم الفاعل و ( سيوف الهند ) مشهورة بصلابتها وبترها وتمكن الفارس من مقبضها . ومع أن التعبير بـ ( سيوف الهند ) يحمل كل هذه الدلالات إلا أن الشاعر يبين حالها بقوله ( مرهفة ) أي مدققة الحد براقة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://dar-alkalima.forumotion.com
المعلم
المدير العام



عدد المساهمات : 1981
تاريخ التسجيل : 27/08/2007
العمر : 65

قصيدة رثاء الممالك  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصيدة رثاء الممالك    قصيدة رثاء الممالك  Emptyالأحد 28 نوفمبر 2010, 20:20

ويكمل رسم صورته ، فيجعل هذه السيوف تخوض المعركة ، ويحتدم القتال ، ويرتفع الغبار ويحجب نور الشمس فتظلم الدنيا ، وتبقي السيوف الهندية التي يحملونها برهافتها وحدتها هي مصدر الضوء الوحيد بل النور القوي وكأنها بحركتها وتوزعها وانتقالها نيران نار كبيرة متسعة .

والشاعر جعل هذه الفئة من المسلمين تمتلك قوة عسكرية قوية وضاربة : سلاح الفرسان ( عتاق الخيل ) والسيوف الهندية المرهفة البتارة ، وأضاف نتيجة منطقية لهذه القوة العسكرية ( راتعين وراء البحر في دعة لهم بأوطانهم عز وسلطان ) و ( راتعين ) متنعمين بالخيرات الوفيرة والقادرين على تحقيق رغباتهم و ( وراء البحر ) إشارة إلى جميع المسلمين خارج الأندلس وقيل المقصود الذين يعيشون في شمال أفريقيا فهم الأقرب والأقدر على تقديم المساعدة ، وإن كانوا متفرقين في دويلات الطوائف ولكننا لا نزعم بأنه يقصد أهل شبه الجزيرة العربية ، فما كانت الخلافة في تلك الفترة فيهم ولعله يقصد الفاطميين في مصر فهم الذين امتدت دولتهم وتمتعت برفاهية ، وكان بإمكانهم لو أرادوا - تقديم المساعدة المطلوبة ، ويبقى الاحتمال الأقوى أنه يقصد مسلمي شمال أفريقيا . و ( الدعة ) : السكينة والراحة ، ووفرة أسباب الحياة ، وهذه الحياة نتيجة طبيعية لـ ( لهم بأوطانهم عز وسلطان ) و ( العز ) القوة والمنعة وهي جالبة لما بعدها ( السلطان ) .

والأبيات الثلاثة السابقة مع أنها تتحدث عن القوة العسكرية والرفاهية التي يعيشها المسلمون المعنيون ( أبناء شمال إفريقيا أو ما عداهم ……… ) إلا أنها تحمل بذور اتهامات لهم بالابتعاد والانقطاع عن المسلمين . لذا يكمل باستفهام يفيد الاستنكار الممزوج ببعض اللوم وبعض الاستهزاء ( أعندكم نبأ من أهل أندلس ، فقد سرى بحديث القوم ركبان ) وقدم شبه الجملة ( عندكم ) لأنها موضع الاستنكار …… ألا يكن لديكم أنباء …… وأنتم سادة القوم ، وجاء ( نبأ ) نكرة ليفيد القلة ( أي نبأ ) ، وأهل الأندلس أصحابه وأبناءه الذين يعيشون فيه ويعمروه ………… وقد يبدو الاستفهام حتى الآن حقيقياً ويحتاج إلى إجابة ، لكن التكملة توحي بما ذهبنا إليه من الغرض من الاستفهام يقول ( فقد سرى بحديث القوم ركبان ) فالحديث عما جرى ويجري في الأندلس يتناقله الركبان ( الذين ينتقلون من مكان إلى آخر راكبين ) والمقصود التجار والرحالة ورجال العلم الذين مروا بالأندلس أو انطلقوا منها أو سمعوا من الأقوام التي يمرون بها ما حدث ويحدث في الأندلس ، فكيف لا تصل هذه الأنباء إلى الحكام المسلمين الراتعين في دعة ، وأكد الشاعر قوله بـ ( قد ) . و ( سرى ) سار ليلاً وتفيد أيضاً معنى الانتشار و ( حديث القوم ) الحديث الدائر عن القوم ، أو حديثهم عن ذاتهم .

ويكمل شاعرنا مبتدئاً بـ ( كم ) الخبرية ( كم يستغيث بنو المستضعفين وهم أسرى وقتلى فما يهتز إنسان ) فأهل الأندلس أطلقوا الكثير من الاستغاثات وما من مستجيب ، و ( كم ) للتكثير ، و( بنو المستضعفين ) كناية عن أهل الأندلس ، والتعبير يشير إلى كثرة استغاثات الاستضعاف ليس جديداً عليهم ، أو حدثاً طارئاً فآباؤهم مستضعفون من قبلهم ، وهو تعبير لم يوفق الشاعر فيه ، فآباؤهم سادة الأندلس وأشرافها ……… وقد يرى البعض أن المقصود أنهم أبناء الاستضعاف ،أي أحاط بهم الاستضعاف من كل جانب ، وتملكهم حتى أصبحوا أبناءه ولا يعني الامتداد الزمني والفعلي لآبائهم . وبعد ( يستغيث ) محذوف تقديره بالمسلمين لنجدتهم ويبين حالهم عند استغاثتهم ( وهم أسرى وقتلى ) وقد يعني هذا أن المسلمين تأخروا في استغاثتهم حتى وقعوا في الأسر ، وقد يكون المعنى أنهم استغاثوا كثيراً دون استجابة حتى وصل حالهم إلى وقوعهم في الأسر أو سقوطهم قتلى …… وقد تكون ( أسرى وقتلى ) هي الحال التي سيؤولون إليها إذا لم يسارع المسلمون لنجدتهم ، ولكن ( ما يهتز إنسان ) والاهتزاز ناتج عن التأثر والانفعال أو بداية تحرك للنجدة ، فالمسلمون لم يشعروا بما يحدث في الأندلس ، أو سمعوا ولكنهم لم يتأثروا ، أو تأثروا لكن لم يهتزوا ، ( لم يهتز إنسان ) تنفي تحرك أي إنسان للاستجابة للاستغاثات ، أو تثبت أن كل المسلمين تخلوا عن نجدة أهل الأندلس .

وينتقل الشاعر إلى عتاب المسلمين لأننا لا نعتقد أن قوله يرقى إلى مستوى اللوم أو التقريع يقول ( ماذا التقاطع في الإسلام بينكم وأنتم يا عباد الله إخوان ) ، و ( ماذا ) تتكون من كلمتين ( ما ) الاستفهامية واسم الإشارة ( ذا ) ، وكأن الشاعر قال : ( ما هذا التقاطع ) والتقاطع ضد التواصل ، وتفيد معنى الاختلاف والتنافر الذي وصل إلى حد القطيعة ( والتقاطع في الإسلام ) تفيد أن كل فريق اتخذ من حرصه على الإسلام مبرراً لهذه القطيعة ، مستخدماً النصوص القرآنية حجة لموقفه ، متناسين قوله تعالى : " فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً " . و قوله : " إنما المؤمنون إخوة " ، فكيف لا يستجيبون لاستغاثاتهم ،والنداء في ( يا عباد الله ) للتقريع.

ويكمل باللهجة نفسها : ( ألا نفوس أبيات لها همم ) و ( ألا ) هنا للتحضيض وهي تدخل على الجملة الفعلية ، لذا يقدر فعل محذوف مثل ( توجد ) ، و ( نفوس ) فاعل للفعل المحذوف وهي ( نفوس أبيات ) ترفض الضيم والذل والهوان تملؤها النخوة الإسلامية ، لها ( همم ) عزائم قوية فاعلة ، وقيل أن ( ألا ) هنا تتكون من كلمتين همزة الاستفهام ، و ( لا ) النافية ، وأن الاستفهام هنا يفيد التحضيض ، وربما كان القول الثاني أقرب إلى الصواب في هذا الموقع ، لأن الشاعر يكمل ( أما على الخير أنصار وأعوان ) ، و ( أما ) تشبه ( ألا ) في تكوينها من استفهام ونفي ، وإفادتها التحضيض ، وكذا وجود محذوف بعدها تقديره ( يوجد ) أو ما يشبهه ، وقدم ( على الخير ) لأهميتها ، وتركيز الاهتمام حولها ، و( أنصار ) مفردها نصير ، ويشير إلى من يقف معك ويساندك في دفع ضرر أو رد عدو ، وقد تكون المساندة مادية أو معنوية ، مساندة بالرأي وبالمشورة ، و ( أعوان ) مفردها عون وتشير إلى من يقدم المساعدة في خير أو في التخلص من شر ، والمعنيان لـ ( أنصار وأعوان ) متقاربان ، إلا أن الأنصار أكثر التقاء والتصاقاً فكرياً ومعنوياً وعاطفياً وصداقة من الأعوان ، فالنصير إلف وأليف ، وقد لا يكون المعين إلفاً .

ويكمل ( يا من لذلة قوم بعد عزهم أحال حالهم كفر وطغيان ) ويرى البعض أن ( من ) هي المنادى ، وكأن الجملة : ( يا من لذلة قوم بعد عزهم انهضوا لنصرة مسلمي الأندلس ) ، ويرى آخرون أن المنادى محذوف تقديره : ( ناس ، مسلمون ، أبطال ، …….. ) وتكون الجملة يا ناس من لذلة قوم بعد عزهم ، وتصبح ( من ) استفهامية استعطافية و ( ذلة قوم بعد عزهم ) أكثر تأثيراً ، فالذي لم يذق طعم العزة ، لا يدرك إحساس من عاشها ثم فقدها ، والذي تربى على المذلة و الهوان ، قليل التأثر بمذلة جديدة ، أو هوان جديد .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://dar-alkalima.forumotion.com
المعلم
المدير العام



عدد المساهمات : 1981
تاريخ التسجيل : 27/08/2007
العمر : 65

قصيدة رثاء الممالك  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصيدة رثاء الممالك    قصيدة رثاء الممالك  Emptyالأحد 28 نوفمبر 2010, 20:20

ويكمل ( أحال حالهم كفر وطغيان ) و ( كفر ) فاعل أحال و في العبارة محذوف نفهمه من السياق وكأن المعنى أحال الكفر والطغيان حالهم من عزة إلى مذلة والكفر مضاد الإيمان ، والطغيان تجاوز الحد في الكفر وفي العدوان ……….

وينتقل مستخدماً الالتفات ، فيحدث المخاطب بدل الغائب فيقول : ( فلو تراهم حيارى لا دليل لهم ، عليهم من ثياب الذل ألوان ) ، و ( لو ) إذا دخلت على الفعل المضارع تحمل معنى ( إن ) ولا تحمل معنى امتناع الجواب لامتناع الشرط ، وهي هنا تقلب معنى المضارع إلى الماضي ، وجواب الشرط محذوف ، يجوز تقديره ( لو تراهم لرأيتهم حيارى لا دليل لهم ……… ) ويجوز القول : ( لو تراهم حيارى لا دليل لهم لأشفقت عليهم …… ) ويمكنك اختيار أي إكمال مناسب . وحيارى بسبب حالهم ( لا دليل لهم ) والدليل هنا المرشد أو الحاكم أو القائد ……… وحيرتهم حول ماذا يفعلون ……… وغياب القائد المرشد يشير إلى ما أصاب الأندلس من ضعف وتمزق وخلاف ، وإلى هروب الحكام وتركهم المسلمين يواجهون قوات الأسبان بدون قيادة أو إعداد ، ويكون المصير الهزيمة والطرد .

ويكمل رسم صورتهم ( عليهم من ثياب الذل ألوان ) وهو تصوير يشير إلى أن الذل كساهم والتصق بهم ، بحيث أصبح من الصعب عليهم التخلص منه و ( ألوان ) تفيد تنوع الذل ، ذل من فقد سلطانه وعزته ومن فقد بيته وقوت يومه ، وربما فقد أعزاءه …….

ويكمل في محاولة لاستثارة السامع ( ولو رأيت بكاهم عند بيعهم لهالك الأمر واستهوتك أحزان ) و ( لو ) هنا قيل تفيد امتناع الجواب لامتناع الشرط فأنت لم تهل لأنك لم تر ، وقيل أن الجواب هنا لا يمتنع ولو امتنع فعله فقد يهولك الأمر حتى لو لم تر بكاءهم ، و ( البكاء ) هنا بكاء قهر ومرارة على عز مفقود ، و ( عند بيعهم ) في إشارة إلى أسرهم وتحولهم ( وهم السادة ) إلى عبيد ، وما أقسى أن يصبح السيد عبداً ، و ( هالك ) أصابك الفزع ، واستكبرت الحدث واستهجنته ، و ( الأمر ) ما حدث لهم من هزائم وما وصلوا من مذلة ، والاستهواء ذهاب للعقل وحيرة ، كما تحمل معنى الميل الشديد ، وكأن الشاعر أراد باستخدامه ( استهوتك أحزان ) عشقتك ، وتملكتك ، فعشقت الأحزان ، ونحن نرى أن استخدام ( استهوتك ) بما تحمل من ظلال الميل و الحب والعشق والهيمام ، غير مناسبة في هذا الموقع ، رغم وجه المشابهة الذي قصده الشاعر ، وربما ( أغرقتك أحزان ) أكثر توفيقاً .

ثم يعود إلى ضمير الغائب ليصور حال الأسرة المسلمة في هذه الحال الجديدة ، عله يستنهض همم من فقدوا هممهم ، أو فقدتهم هممهم فيقول : ( يا رب أم وطفل حيل بينهما ، كما تفرق أرواح وأبدان ) فيصور تحولهم إلى رقيق ، يفصل بين الأم وطفلها عند بيع أي منهما أو كلاهما كما تنزع الأرواح من الأجساد ، فتموت الأم كمداً ، و ( يا ) هنا لمجرد التنبيه و ( رب ) حرف جر شبيه بالزائد يفيد القلة أو الكثرة حسب السياق ، ونظن أنها تفيد هنا الكثرة لأن الشاعر في موقع استنهاض الهمم ، و( حيل ) بمعنى فرق بينهما ، والطفل أكثر التصاقاً بأمه وحاجة لها ، وهي أكثر ارتباطاً به وحرصاً عليه ، ويرى البعض أن استخدام ( رضيعها ) أكثر تأثيراً على السامع ، ولا نجد كبير اختلاف بين الاستخدامين ، خاصة وأنه يصف حالهم عند التفريق بينهما ( كما تفرق أرواح وأبدان ) فالأم كمن انتزعت منها روحها ، والطفل أيضاً لا بقاء له بعدها كأن روحه نزعت منه ، فكل منهما فقد روحه بفقدان جزئه الآخر ، وينهي قصيدته ببيت يقول فيه ( لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام و إيمان ) وهو بيت يضعف حالة الانفعال الذي عمد الشاعر إلى زيادتها لدى السامع ، وبعد ( هذا ) محذوف تقديره ( الحدث ) ، وفي يذوب القلب تصوير و ( الكمد ) تغير اللون وذهاب صفائه من حزن وغم شديدين ، و ( إن كان في القلب إسلام وإيمان ) ليست بغرض التقليل والشك في الوجود ، بل للحض والتحريض ، وهي خاتمة نراها ضعيفة هزيلة بعد عرضه لصور القوم وتمزقهم وحيرتهم ، ولسبيهم وبيعهم كعبيد …… .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://dar-alkalima.forumotion.com
 
قصيدة رثاء الممالك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شرح قصيدة رثاء الممالك
» رثاء الممالك
» رثاء الممالك
» حل أسئلة قصيدة رثاء البصرة
» شرح وتحليل قصيدة رثاء البصرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أقلام واعدة  :: تعبيرـ ف1ـ 2007/2008 :: الصف التاسع-
انتقل الى: