شرح قصيدة الشرف الرفيع/ أبو العلاء المعري
أَبو العَلاء المَعَرِي
363 - 449 هـ / 973 - 1057 مأحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري.شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم-ط) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند-ط)، و(ضوء السقط-خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته.من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد-ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة-ط) صغيرة، و(رسالة الغفران-ط)، و(الفصول والغايات -ط)، و(رسالة الصاهل والشاحج. الفكرة الأولى: نظرة أبي العلاء إلى الحياة
1- أرى العنقاء تكْبُرُ أن تُصادا فعانِدْ مَنْ تُطيقُ له عنادا
2- وما نَهْنَهْتُ عن طلبٍ ولكن هي الأيامُ لا تُعطي قيادا
3- ولّما أن تجهَّمني مُرادي جريْت مع الزمانِ كما أرادا
4 -وهوَّنْتُ الخطوبَ عليَّ حتى كأني صِرْتُ أمنحُها الوِداد
5 - أأُنكِرُها ومنبِتُها فؤادي وكيفَ تُناكِرُ الأرضُ القَتَادا
الشرح :
1-يدعو الشاعر الى التعامل الواقعي مع الأشياء فليس كل ما تريده وتتمناه تستطيع تحقيقه فهناك آمال وطموحات صعبة المنال فهي كالعنقاء تستصي على الصيد فما عليك إلا أن تنال منها ما تستطيع منازلته.
2- الشاعر مستمر بتحدي مصاعب الحياة لا يكف عن العمل والطموح، إلا انه وجد الأيام صعبة تأبى أن تعطي القيادة للناس.
3 - عندما لم استطع أن ابلغ مرادي وما سعيت إليه في هذه الدنيا، تعاملت مع هذه الحياة بواقعية وسعيت معها كما تريد لان الحياة لا تعاند.
4-من كثرة مايتوالي على الشاعر من هموم ومصائب اعتاد عليها وهانت على نفسه حتى أصبحت جزءأً من حياته يمنحها الحب والوداد كأنها حبيبة يعشقها.
5-يتساءل الشاعر متعجبا بأنه لا يستطيع إنكار الهموم والمصائب لأنها نابعة وملازمه لقلبه فهي جزء منه، كالأرض التي لا تتنكر لأشواكها السيئة لان منبتها فيها.
الصور الخيالية :
*- أرى العنقاء تكْبُرُ أن تُصادا : كناية عن صعوبة الحياة وعدم التمكن من تحقيق المراد منها.
*وما نهنهت عن طلب : كناية عن علو الهمة والطموح.
*هي الأيام لا تعطي قيادا :استعارة مكنية وسر جمالها التشخيص.
*تجهمني مرادي :استعارة مكنية شبه المراد بانسان يتنكر.
*جريت مع الزمان كما أرادا : استعارة مكنية فيها تشخيص للزمان.
*و هونت الخطوب :استعارة مكنية شبه الخطوب بانسان يهون.
*البيت الخامس تشبيه تمثيلي :شبه حال عدم انكاره للخطوب التي تسكن فيه بحال الأرض التي لا تنكر القتاد.
الأساليب :
*فعاند من تطيق له عنادا: أسلوب انشائي أمر غرضه النصح والارشاد.
*أأنكرها ؟ : أسلوب انشائي استفهام غرضه التعجب .
الفكرة الثانية: قيم ومُثل عليا للتعامل مع الآخرين:
6- فأيُّ الناسِ أجعلُهُ صديقاً وأيُّ الأرضِ أسلُكُها ارتيادا
7 - ولو أنّي حُبْيتُ الخُلد فردا لما أحببْتُ بالخلد انفرادا
8-فلا هَطَلَتْ عليَّ ولا بأرضي سحائبُ ليس تَنْتَظِمُ البلادا
الشرح :
6- يتعجب الشاعر ويعبر عن حيرته باختيار الأصدقاء لان القليل منه يكون وفيا، وعدم قدرته سلوك الأرض لأنها تعانده.
7- يعبر الشاعر عن قيم ومثل عليا في معاملة الآخرين كالإيثار وحب الخير وعدم الأنانية، فيقول بأنه لو مُنِح الجنة بمفرده لما أحب أن يكون وحيدا.
8- يدعو الشاعر أن يعم الخير ويهطل المطر على جميع البلاد دلالة على إيثاره، وحب الخير للآخرين.
الصور الخيالية :
*البيت السابع كناية عن الايثار وحب الخير للناس .
*البيت الثامن أيضا كناية عن الايثار وحب الخير للآخرين .
الأساليب :
* فأيُّ الناسِ أجعلُهُ صديقاً وأيُّ الأرضِ أسلُكُها ارتيادا : استفهام غرضه الحيرة والقلق .
* ولو أنّي حُبْيتُ الخُلد فردا ...........أسلوب شرط لأداة شرط غير جازمة.
*فلا هطلت علي :خبري لفظا انشائي في المعنى غرضه الدعاء.
الفكرة الثالثة: افتخار الشاعر بنفسه، وبيان مفاخره.
9 - ليَ الشرفُ الذي يطأُ الثريّا مع الفضل الذي بَهرَ العبادا
10 - وكَمْ عينٍ تُؤمِّل أن تراني وتفقِدُ عند رؤيتيَ السّوادا
11- ولي نفسٌ تُحلُّ بيَ الروابي وتأبى أن تُحلَّ بي الوِهادا
12- تمدُّ لتقبِض القمرين كفَّا وَتحْمِلُ كي تَبُذَّ النَّجمَ زادا
الشرح :
9- يفتخر الشاعر بنفسه ويبن مكانته العالية، حيث أن شرفه الرفيع وصل النجوم في السماء، كما أن فضله عمّ على العباد وغمرهم.
10- عيون كثيرة تعقد الأمل على رؤيتي، ولكنها عند رؤيتي تفقد النظر ابتهاجا وإعجابا بشخصيتي.
11- يبين الشاعرأن مكانته مرتفعة ، قيمته عالية، فنفسه تحل دائما في المناطق المرتفعة وترفض أن تحل في المناطق المنخفضة.
12- تمتد يده لتقبض الشمس والقمر وتحمل زادا حتى تتفوق على النجم وتعلو عليه، دلالة على مكانته العالية
الصور الخيالية:
* ليَ الشرفُ الذي يطأُ الثريّا :استعارة مكنية شبه الشرف بصورة كائن حي يمشي فحذف المشبه به" كائن حي" وذكر شيء من لوازمه" يطأُ" .
* البيت العاشر : كناية عن شهرته وذيوع صيته.
*عين :استعارة مكنيه شبه العين بالانسان وحذف المشبه به.
أو استعارة تصريحية شبه الانسان بالعين وحذف المشبه. أو مجاز مرسل علاقته الجزئية حيث ذكر الجزء وأراد الكل.
* نفسٌ تُحلُّ بيَ الروابي : استعارة مكنية شبه النفس بالانسان الذي يرفعه.
* وتأبى أن تُحلَّ :استعارة مكنية وهي امتداد للصورة السابقة.
*البيت الثاني عشر: امتداد للصورة الواردة في البيت السابق حيث شبه النفس بالانسان.
المحسنات :
*الروابي والوهاد :طباق يوضح المعنى بالتضاد ويؤكده.
الأساليب:
• لي الشرف : أسلوب قصر يفيد التخصيص والتوكيد وأداته تقديم الخبر على المبتدأ.
• وكم عين تؤمل ...... : كم خبرية تفيد الكثرة .
• ولي نفسٌ : أسلوب قصر يفيد التخصيص والتوكيد وأداته تقديم الخبر على المبتدأ.
العاطفة :
تنوعت عاطفة الشاعر في النص بين عاطفة الاعتزاز بالذات وعاطفة الانتماء للجماعة وحب الخير للآخرين وعاطفة التبرم من الحياة ومصاعبها .