المعلم المدير العام
عدد المساهمات : 1981 تاريخ التسجيل : 27/08/2007 العمر : 65
| موضوع: من معلقة عنترة - تحليل أدبي الثلاثاء 26 مارس 2013, 22:05 | |
| - تحليل المضمون تحليلاً أدبيًا : أ ـ الموضوع و أهميته : تركز القصيدة على الشجاعة والبطولة في مقارعة الأعداء ، وهذا الموضوع كان يمثل أهمية بالغة لدى العرب في الجاهلية ؛ نظراً لكثرة الحروب القبيلة والثارات والغزو في ذلك الوقت ، فالمنطق الذي كان سائداً هو منطق القوة ، ولذلك كانت الشجاعة والبطولة تمثلان قمة ما يفتخر به العربي في ذلك الزمان . أما بالنسبة لطرح هذه القصيدة للدراسة في وقتنا الحاضر ، فإنه يكتسب أهمية كبيرة ، خاصة وأن العالم الذي نعيش فيه لا يؤمن إلا بمنطق القوة والغلبة ، وليس هناك حق يمكن الحصول عليه إلا إذا كانت تسنده القوة ، وكم من حقوق ضاعت بسبب ضعف القوة التي تسندها ، وما قضية فلسطين إلا من أوضح الأمثلة على ذلك . ب ـ الأفكار وترابطها: الأبيات المذكورة في النص هي جزء مقتطع من معلقة عنترة بن شداد ، ولكنها تمثل أفكار القصيدة إلى حدٍّ بعيد . تبدأ الأبيات ـ كعادة كثير من الشعراء في ذلك الوقت ـ بالوقوف على أطلال المحبوبة ، والتسليم عليها وسؤالها ، ثم يطلب من هذه الديار أن تذكر ما تعرفه عنه من صفات حميدة وخصال كريمة ، فهو الذي يتصف بحسن المعاملة لمن لا يظلمه ، ولكنه لا يقبل الظلم أبداً ، كم يذكر الكثير من الخصال ( في الأبيات المحذوفة ) . ينتقل الشاعر بعد ذلك من مخاطبة الديار إلى مخاطبة محبوبته التي كانت تسكن تلك الديار ، ويطلب منها أن تسأل الخيل عن بطولاته وفروسيته وشجاعته ، إن كانت لم تعلم بها ، فسوف يخبرها كل من شهد المواقع التي قاتل فيها بأنه يدخل عباب المعركة دون خوف أو وجل ، ولكنه يعفو عند المقدرة . ثم يستحثه الحديث إلى عبلة ( أو بالأصح إلى طيفها وخيالها ) ليبين لها مدى حبه لها ، لدرجة أنه يذكرها في أحلك الظروف ، حيث الرماح تملاً ساحة المعركة ، والسيوف تقطر من دمه ، ولما رأى تلك السيوف تلمع نسي جراحاته وتذكر ثغرها المتبسم الي يشبه لمعان تلك السيوف ، فأراد تقبيل تلك السيوف . ثم استفزه ذكر السيوف ليفتخر بشجاعته وبطولته في المعارك ، فهو عندما رأى جيش العدو قد أقبل يحض بعضهم بعضاً على القتال ، كرِّ عليهم بالهجوم ، ثم نشبت المعركة العنيفة ( ويصف ملامح منها ومن شراستها ) . وأخيراً يعرب عن سعادته وافتخاره حين يرى قومه يستنجدون به لحمايتهم ( وقد كانوا قبل ذلك يلفظونه ويحتقرونه لسواد بشرته ولأن أمه عبدة حبشية ، حتى أن أباه رفض أن ينسبه إليه ) . من كل ما مضى نلاحظ أن القصيدة تناولت عدة أغراض ( الوقوف على الأطلال ، الغزل ، الفخر ، وصف المعركة . . . إلخ ) ، ولكن هناك ما يشبه الرابط الذي يربط تلك الموضوعات ، بحيث تشعر وأنت تنتقل من غرض إلى آخر بأنك تنتقل انتقالاً طبيعياً متسلسلاً أشبه ما يكون بتداعي الأفكار . ج ـ عمق المعاني : اشتملت القصيدة على كثير من المعاني العميقة المؤثرة التي تتغلغل إلى أعماق النفس البشرية ، سواءً لقارئ القصيدة أو سامعها . ومن هذه المعاني : - تشبيه الظلم بالعلقم في مرارته ، تنفيراً لنا من هذا الظلم . - تشبيه الرماح بالحبال الطويلة ، لتصوير مدى شراسة المعركة . - تشبيه كثرة الدماء بالسربال ( أو السروال )الذي يتسربل به حصانه ، دليلاً على احتدام المعركة وكثرة القتلى والجرحى فيها . د ـ سمو المعاني: تدعو القصيدة إلى كثير من المعاني السامية والقيم النبيلة مثل : - السماحة والتحلي بالأخلاق الفاضلة بشرط عدم الظلم . - عدم قبول الظلم بحال من الأحوال . - الشجاعة في المعركة ضد العدو . هـ شمول المعاني: تضمنت القصيدة معاني عامة ، تكاد تتفق عليها جميع الشعوب والأمم كالعزة ، ورفض الظلم ، ورفض الذلة والمهانة . ولكن القصيدة ملأى بالمعاني الخاصة بالبيئة العربية ، وعلى الأخص في العصر الجاهلي ، كمخاطبة ديار المحبوبة واستنطاقها ، وقرب العربي من حصانه قرباً عجيباً وكأنهما صديقين حميمين ، وكذلك أدوات الحرب والقتال التي كانت مستخدمة في ذلك الوقت كالسيوف والرماح والنبال والخيول . و ـ جِدَّة المعاني وأصالتها: سارت القصيدة على منوال الكثير من اقصائد في العصر الجاهلي ، وتناولت الكثير من الأغراض الشعرية التي تناولها الشعراء الآخرون في هذا العصر ، من وقوف على الأطلال ومخاطبتها ، إلى التغزل بالمحبوبة ، والفخر بشجاعة الشاعر وفروسيته ، ومدح المخاطب . . . إلخ . لدرجة أن عنترة نفسه قد عبًّر عن هذه الحقيقة عندما بدأ قصيدته بقوله : هل غادر الشعراء من متردّم ؟ ولكن هذا لا يمنع أن توجد في القصيدة الكثير من المعاني التي تطرَّق إليها الشاعر ولم يسبقه فيها أحد ، ومن ذلك : - تشبيه الظلم بطعم العلقم ، وذلك في قوله : فإذا ظُلمتُ فإن ظلميَ باسلٌ مرٌّ مذاقته كطعم العلقمِ - تشبيه الرماح بالحبال الطويلة ، وذلك في قوله : ولقد ذكرتُكِ والرماح نواهلٌ مني وبيض الهند تقطر من دمي - تشبيه لمعان السيوف ببريق ثغر المحبوبة عندما تتبسم ، وذلك في قوله : فوددتُ تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسمِ ز ـ العاطفة: سيطرت على الشاعر عدة عواطف ذاتية تتضمن : - عاطفة فخر الشاعر واعتزازه بنفسه ، لدرجة أن أحب شيء لديه أن ستنجد به الفوارس وقت الشدة ويقولون له : ويك عنتر أقدِم . - عاطفة حب عميق لابنة عمه عبلة ، لدرجة أنه يذكرها في أصعب الظروف عندما كانت الرماح نواهل ، وكانت السيوف تقطر من دمه . ح - الخيال: أبرز ما يتجلى الخيال في إضفاء المشاعر الإنسانية على الجمادات والحيوانات والطيور ، وقد ظهر ذلك بوضوح في القصيدة فمثلاً : الديار تُخاطَب مخاطبة الأشخاص وتتكلم ( يا دار عبلة بالجواء تكلمي ) ، والخيل يتم سؤالها ( هلا سألتِ الخيل يابنة مالكٍ ) ، والحصان يشكو ولكن بالعبرات والتحمحم ( وشكا إليَّ بعبرةٍ وتحمحُمِ ) | 3- تحليل الشكل تحليلاً أدبيًا: أ ـ الألفاظ: - استخدم الشاعر في الغالب ألفاظاً سهلة ميسورة على الفهم لا تحتاج إلى معجم لمعرفة معناها ؛ حتى لا تقف صعوبة الكلمات حائلاً دون فهم ما أراد الشاعر أن ينقله للسامع . - ولكنه استخدم أحياناً ألفاظاً جزلة تتناسب والموقف الذي تصوره مثل : باسل _ الوقيعة ـ نواهلٌ ـ يتذامرون ـ مذمَّمِ ـ أشطان ـ تسربل ـ فازورَّ ـ ويكَ . - أكثرَ الشاعر من الألفاظ الخاصة بالحرب والمعركة مثل : الخيل ـ الوقيعة ـ الوغى ـ الرماح ـ بيض الهند ـ تقطُر ـ دمي ـ السيوف ـ الجمع ـ يتذامرون ـ كررتُ ـ لبان ـ الأدهم ـ أرميهم ـ تسربل ـ بالدم ـ القَنا ـ الفوارس ـ ويك ـ أقدِم . ب ـ التراكيب : - جاءت تراكيب القصيدة فصيحة سلسة ، لا يتعثر فيها اللسان ، ولا تقع فيها على تنافر في الألفاظ ، أو غموض أو مخالفةٍ لأقيسة اللغة . - وقد جاءت كثير من التراكيب معبِّرةً تعبيراً صادقاً عن عواطف الشاعر وانفعالاته مثل : عِمِي صباحاً ـ هلاَّ سألتِ الخيل ـ تسربل بالدم ـ شكا إليَّ ـ بعبرةٍ وتحمحُمِ ـ ويكَ عنتر ج ـ الأسلوب: يتميز أسلوب الشاعر في هذذه القصيدة بما يلي : 1- بروز شخصية الشاعر في قصيدته ، وشدة ثقته بنفسه وشجاعته . 2- الإكثار من استخدام صيغة المخاطب ، خاصة لمحبوبته عبلة ، وهذا يدل على مدى تعلقه بها . ومن ذلك قوله : أثني عليَّ ـ بما علمتِ ـ هلا سألتِ ـ يابنة مالكٍ ـ إن كنتِ جاهلةً بما لم تعلمي ـ يخبركِ ـ ولقد ذكرتُكِ ـ كبارق ثغركِ . 3- رصانة الأسلوب وجودة التركيب في متانةٍ وإحكام . 4- استطاع الشاعر في قصيدته أن يصور العاطفة تصويراً بليغاً مؤثراً . 5- استخدم الشاعر كثيراً من الصور البيانية والمحسنات البديعية ولك في موضعها المناسب دون تكلُّف أو حشو لا فائدة منه . 6- يراعي أسلوب الشاعر في مجمله تآلف الكلمات والتراكيب في تكوين الجمل والعبارات. | | |
|