التعريف بالمترجم :
ولد أحمد رامي بالقاهرة 1892م ، وسافر إلى اليونان في السابعة من عمره ، نال البكالوريا ، ودخل مدرسة المعلمين ، عمل مدرسا لمدة خمس سنوات ثم التحق بدار الكتب المصرية أوفد من خلالها بعثة إلى باريس لدراسة الفارسية ، وقام بترجمة رباعيات الخيام إلى العربية ، من أشهر مؤلفاته ديوان ( أمي ) .
التعريف بعمر الخيام :
حكيم وفلكي وعالم رياضيات وشاعر هو غياث الدين أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام ولد في نيسابور عاصمة خراسان, بدأ تعليمه الأولي في إحدى مدارس نيسابور لتعلم القراءة والكتابة, ولما قوي واشتد ساعده رحل إلى سمرقند لدراسة الرياضيات, فأنجز نظاماً للأرقام أكثر اتساعاً من نظام الإغريق, فألف كتاباً بالعربية ( الجبر والمقابلة) ترجم إلى الفرنسية عام (1851). كما أوجد طريقة لاستخراج جذور الأرقام وعالج لأول مرة مسائل التكعيب في الجبر ولما برزت موهبته في علم الفلك إلى جانب شهرته في الرياضيات, استدعاه السلطان السلجوقي لتعديل التقويم, وكلفه ببناء برج فلكي في أصفهان , وإن إجادته للغة العربية والكتابة بها كانت حافزاً له لقراءة شعر المعري فكان له الأثر في شعر الرباعيات لغة وأسلوباً ومضموناً فلقب بالحكيم في الثقافتين الفارسية والعربية ولقبه الأوربيون بملك الحكمة.
بين رامي والخيام :
يرى أحمد رامي أن الأدباء احتاروا في فهم شخصية عمر الخيام فمنهم من اعتبره مستهترا ، ومنهم من أنزله منزلة الصالحين ، ويظهر من خلال رباعياته الشك في أمر الحياة والموت ولكنه مؤمن بالله ، ويرى آخرون أنه غير واضح الاتجاه متناقض مع نفسه ، والحقيقة أنه كان شاعرا يقول بلسانه ما ليس بقلبه ..
وقد نالت هذه الرباعيات شهرة في الأدب العالمي وترجمت للإنجليزية والفرنسية والألمانية والعربية ، وقيل أن عددها 464رباعية ..
جو النص :
بدأ رامي ترجمة الرباعيات بعد عام واحد من سفره لباريس ، وقد استمد من وفاة أخيه محمود القوة في تصوير آلام الخيام ، وتعد هذه الترجمة أبرع الترجمات العربية أسلوبا وأرقها لفظا ، وقد أشاد بها رجاء النقاش ، ونقدها المازني نقدا لاذعا بمنظار سوداوي .
تحليل الرباعيات
( 1 )
الدعوة للاستمتاع بالدنيا :
سمعت صوتاً هاتفاً في السحـر
نادى مــــن الغيب غُفاةَ البشـر
هبوا املأوا كأس المنى قبل أن
تملأ كأس العمــــــر كف القدر
المفردات :
هاتفاً : مناديا بصوت شديد ، السحر: أخر الليل ، الغيب :الموضع الذي لا أراه ، غفاة :جمع غافٍ وهو النائم ، هبوا :تنشطوا، المنى : مفردها المُنْيَةُ وهي الأمنية أو البغية ، القدر :قضاء الله ..
الشرح :
يبدأ الشاعر رباعياته بسماعه صوت شديد في أخر الليل ينادي من حيث لا يدري النائمون من البشر هذا الصوت يأمرهم بالإسراع إلى العمل لتحقيق أمنياتهم قبل أن يحل بهم قضاء الله ويموتون دون ذلك .
الجماليات :
- وصف الصوت بأنه هاتفا : دلالة على مدى تأثيره في النفس البشرية .
- نادى من الغيب : تعبير يوحي بالغموض الذي يدفعنا لمحاولة معرفة مصدر الصوت ..
- ( نادى من الغيب غفاة البشر) –قدم الجاروالمجرور لإفادة (للضرورة الشعرية ومناسبة القافية(
- السطر الأول والثاني ــ أسلوبخبري (للتقرير ) وهو دليل على الصحوة بعد الغفوة
- هبوا ، املأوا كأس المنى : أسلوب إنشائي طلبي أمر الغرض منه النصح والإرشاد ،، استعارة مكنية شبه الأمنيات بالخمر الذي يملأ الكأس ، وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من لوازمه ( كأس ) ..
- أن تملأ كأس العمر كف القدر : استعارة مكنية ، شبه القدر بالإنسان الذي يملأ الكأس وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من لوازمه ( كف ) .
- أن تملأ كأس العمر كف القدر: كناية عن انتهاء الأجل ، ) قدم المفعول به على الفاعل لقيمة وأهمية المتقدم(
( 2 )
التقصير في العبادة والطمع في المغفرة :
إن لم أَكُنْ أَخلصتُ في طاعتِك
فإنني أطمَــــــــــعُ في رَحْمَتِك
وإنما يَشْفـــــــــــــــــعُ لي أنني
قد عِشْتُ لا أُشرِكُ في وَحْدَتِك
المفردات :
أخلصت : أتقنت ووفيت حقه ، طاعتك :الانقياد لأوامرك وعبادتك ، أطمع :أحرص على ، يشفع :يطلب لي ، أشرك :أجعل له شريكا في ملكه .
الشرح :
يكشف الشاعر عن تقصيره في عبادة الله ولكنه يحرص على أن ينال رحمة الله ومغفرته والذي يشفع له في هذه تحقيق هذه الأمنية أنه عاش حياته مؤمنا بالله وموحدا ولا يشرك معه أحدا .
الجماليات :
- الأسلوب في الأبيات خبري يفيد التقرير
- استخدم الشاعر بعض المؤكدات مثل ( إنّ ، قد ).
( 3 )
سيطرة الوجد والهيام على الشاعر :
أولى بهـــــذا القلبِ أن يَخْفِقا
وفي ضِـرامِ الحُبِّ أنْ يُحرَقا
ما أضْيَعَ اليـــومَ الذي مَرَّ بي
من غير أن أهْوى وأن أعْشَقا
المفردات :
يخفقا : يضطرب ، ضرام : لهيب ، أهوى : أحب ، أعشق :العشق هو فرط الحب .
الشرح :
يبين الشاعر أثر هذا الصوت الذي سمعه فقد جعله في حالة من الوجد والهيام والارتباط بالذات الإلهية وصار نادما على ما ضاع من عمره دون أن يذق طعم هذا الحب والعشق النابع من العبادة الصادقة لله .
الجماليات :
- أولى بهذا القلب أن يخفقا وفي ضرام الحب أن يحرقا : أسلوب إنشائي طلبي تمني للدلالة على ما في نفس الشاعر ..
- وفي ضرام الحب أن يحرقا : شبه الحب بالنيران الملتهبة التي تحرق القلب ..
- ما أضيع اليوم الذي مرّ بي : أسلوب إنشائي غير طلبي تعجب يفيد التحسر على الماضي .
- أهوى ، أعشق : ترادف الغرض منه توكيد المعنى وإبرازه .
- السطرين 3، 4 : كناية عن أهمية ومكانة الحب الإلهي في نفس الشاعر .
( 4 )
اللجوء إلى الله للتوبة من الذنب :
يا عالمَ الأســرار عِلمَ اليَقين
وكاشِفَ الضُرِّ عن البائسين
يا قابل الأعـــــــذار فِئنَا إلى
ظِلِّكَ فاقْبَلْ تـــــــَوبَةَ التائبين
المفردات :
الأسرار : مفردها ( سر ) وهو الأمر الخفي ، اليقين : العلم المؤكد – ومضادها ( الشك ) ، الضُّر : كل ما كان من سوء حال وفقر أو شدة في بدن – ومضادها ( النفع)
، البائسين : مفردها بائس وهو شديد الحاجة أي فقير ، الأعذار : مفردها عذر وهو الحجة التي يعتذر بها والمبرر، فئنا ( فاء ) : رجعنا إليك ، ظلك : المراد حماك ورحمتك .
الشرح :
يناجي الشاعر ربه في تضرع وخشوع قائلا له أنت وحدك الذي تعلم كل ما يخفى في الوجود ، وأنت وحدك الذي يزيل الفقر عن المحتاجين المعوزين ، وأنت وحدك الذي يقبل أعذار التائبين العائدين إلى حماك طالبين رحمتك ، فاقبل التوبة بقدرتك ورحمتك ..
الجماليات :
- يا عالم الأسرار – يا كاشف الضر – يا قابل الأعذار : أساليب إنشائية طلبية نداء الغرض منها التعظيم والإجلال .
- اقبل توبة التائبين : أسلوب إنشائي أمر الغرض منه الدعاء .
- عالم – كاشف – قابل : استخدام اسم الفاعل للدلالة على الاختصاص بالشيء .
- فئنا إلى ظلك : استعارة تصريحية ، شبه رحمة الله ومغفرته بالظل الممتد ، وحذف المشبه وصرّح بالمشبه به .
( 5 )
الدعوة للعودة إلى الله :
أفِقْ خَفيفَ الظِلِ هذا السَـــحَــر
وهاتها صِّــــــــرفا وناغِ الوَتَر
فما أطالَ النـــــــــومُ عُمرأً ولا
قَصَرَ في الأعمارَ طولُ السَهَر
المفردات :
أفق : استفيق واستيقظ ، خفيف الظل : الطائش المستهتر ، هاتها ( هيت ) : أقبل ، صرفا : الشراب الذي لم يمزج بما يعكره – والمراد نقيا طاهرا ، ناغي : من المناغاة وهي مخاطبة الشخص بما يحبه ، الوتر: الفرد والمراد الله تعالى.
الشرح :
يتوجه الشاعر بالنصيحة للمستهتر الطائش فيدعوه إلى الاستجابة لهذا الصوت الإيماني الذي ينادي أخر الليل وأن يناجي الله تعالى في جوف الليل بما يحب أن يسمع من دعاء واستغفار وتوبة ، فإن النوم لا يطيل العمر ولا يقصر العمر كثرة السهر فعلينا أن نعتدل في الأمور ..
الجماليات :
- أفق ، هاتها : أسلوب إنشائي أمر الغرض منه النصح والإرشاد .
- خفيف الظل : أسلوب إنشائي طلبي نداء يدل على قرب المخاطب من المتكلم .
- هاتها صرفا : استعارة تصريحية، شبه التوبة النصوحة بالشراب الذي لم يمزج بما يشوبه ، وحذف المشبه وصرّح بالمشبه به .
- ناغ الوتر : كناية عن مناجاة الله بما يحب ويرضيه .
- فما أطال النوم عمراً – لا قصر في الأعمار طول السهر : مقابلة الغرض منها الوضوح والإبراز .
( 6 )
الأمل في الرحمة والمغفرة :
يا من يِحارُ الفَهمُ في قُدرَتِك
وتطلبُ النفسُ حِمى طاعتك
أسْكَرَني الإثـــــــــــم ولكنني
صَحَوْتُ بالآمال في رَحمَتِك
المفردات :
يحار( حير ) : تحير في أمره ، الفهم : المعرفة والعلم بالقلب والعقل ، قدرتك : مقدرتك وحكمك ، حمى : حدود، طاعتك : المراد رضاك ، أسكرني : غيّب عقلي ، الإثم : الذنب وجمعها آثام ، صحوت : تنبهت ، الآمال : مفردها الأمل وهو الأمنية .
الشرح :
يستمر الشاعر في مناجاة الله مبرزا قدرة الله التي ليس لها حدود ويعجز الإنسان عن الوصول لحدود هذه القدرة ولذلك تلجأ دائما إلى الله طالبة الحماية مقدمة كل فروض الطاعة والولاء ، معربا عن أن ذنوبه كثرت وكلما فكر فيها غيبت عقله وشعر أنه لا نجاة منها ولكنه يأمل في رحمة الله ومغفرته فهو القادر على كل شيء .
الجماليات :
- يا من يحار الفهم ... : أسلوب إنشائي طلبي نداء للدلالة على القرب .
- تطلب النفس .. ، أسكرني الإثم ..، صحوت بالآمال ... أساليب خبرية الغرض منها التقرير .
- يحار الفهم في قدرتك : كناية عن الاضطراب وقدرة الله اللامحدودة .
- تطلب النفس حمى طاعتك : استعارة مكنية شبه النفس بالإنسان الذي يطلب وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من لوازمه وهو ( تطلب ) .
( حمى طاعتك ) كناية عن الشعور بالأمان في رحاب الله .
- أسكرني الإثم : استعارة مكنية شبه الإثم بالخمر وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من لوازمه ( أسكرني ) .
- صحوت بالآمال :الباء تفيد الاستعانة حيث أن الشاعر تنبه إلى التوبة مستعينا بالأمل في الرحمة ، استعارة مكنية حيث شبه الآمال بالإنسان الذي يعين على التنبيه من الغفوة ويوقظ النائم .
- لكنني صحوت .... : لكن تفيد الاستدراك لرفع التوهم وإزالة الإبهام .
( 7 )
الحياة مصدر الألم :
سئمت يا ربي حيــــــــاة الألم
وزاد هَّمي الفقـــــــــرُ لمَّا ألمّ
ربي انتشلني من وجودي فََقَدْ
جعلت في الدنيا وجودي عدم
المفردات :
سئمت : مللت ، همي : الهم هو الحزن وجمعها هموم ، الفقر : قلة المال وغيره ومضادها الغنى ، ألمْ ( لمم ) : نزل بنا ، انتشلني :أسرع بإخراجي والمراد أنقذني، وجودي :الوجود ضد العدم والمراد حياتي ، عدم : غير موجود والمراد بلا فائدة .
الشرح :
يستمر الشاعر في مناجاة الله قائلا له أنه ملّ من حياته التي كلها ألم وحرمان من متع الدنيا وضيق العيش ويطلب من الله إنقاذه من هذه الحياة التي لا فائدة منها ولا قيمة فيها .
الجماليات :
سئمت ... ، وزاد .... ، فقد جعلت .... : أساليب خبرية تفيد التقرير .
رب ، يا ربي : أسلوب إنشائي طلبي نداء الغرض منه الدعاء .
انتشلني : أسلوب إنشائي طلبي أمر الغرض منه الدعاء .
حياة الألم : كناية عن كثرة الآلام والأحزان في حياة الشاعر .
الفقر لما ألم : استعارة مكنية شبه الفقر بالإنسان الذي حلّ به ونزل عليه ضيفا ، وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من لوازمه ( أَلَمّ ).
رب انتشلني من وجودي : استعارة مكنية ، شبه حياته بالبحر الذي يغرق فيه ، وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من لوازمه ( انتشلني ) .
وهي كناية عن كثرة ذنوبه في الدنيا .
فقد جعلت في الدنيا وجودي عدم : كناية عن أن حياة الشاعر لا فائدة منها .
الألم – ألم : جناس ناقص يعطي جرسا موسيقيا ويثير الذهن .
الوجود – العدم : طباق يوضح المعنى ويبرزه .
( 8 )
الدعوة للفوز بالدنيا :
لا تشغل البال بماضي الزمان
ولا بآتي العيش قبــــل الأوان
واغنم من الحاضـــــــر لذَّاتِه
فليس في طبــع الليالي الأمان
المفردات :
البال ( بول ) : الحال والشأن والمراد الفكر، العيش ( عيش ):الحياة ، اغنم : فُزْ به ، لذاته : مفردها ( لذة ) وهي ما يمتع النفس ويسرها ومضادها الألم ، طبع : الخليقة والسجية ، الأمان :الاطمئنان ومضادها الخوف .
الشرح :
يخاطب الشاعر الإنسان ناصحا إياه بأن لا يفكر كثيرا في حياته الماضية بما فيها من ذنوب وآثام وكذلك لا يفكر في المستقبل قبل أن يأتي فكلا الأمرين من شأنه أن يدفعنا للألم ، ولكن علينا أن نفوز بالحاضر الذي نعيش فيه ونستمتع به في رحاب الله ولا نؤجل ذلك لأن العمر غير مضمون والموت قريب جدا منا .
الجماليات :
لا تشغل ....: أسلوب إنشائي نهي الغرض منه النصح والإرشاد .
اغنم ....: أسلوب إنشائي أمر الغرض منه النصح والإرشاد .
ليس في طبع الليالي ...: أسلوب خبري الغرض منه التقرير .
ماضي – آتي : طباق يوضح المعنى ويبرزه .
آتي العيش : كناية عن المستقبل .
فليس في طبع الليالي الأمان : استعارة مكنية شبه الليالي بالإنسان الذي طبعه أن يخيف غيره وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من لوازمه ( طبع ) .
( فليس في طبع الليالي الأمان ) تعليل لـ( فاغنم من الحاضر لذاته ).
( 9 )
الفوز بالدنيا قبل الموت المحقق :
تناثرت أيام هــــــــــذا العمر
تناثر الأوراق حــول الشجر
فانعم من الدنيا بلـــــــــذاتها
من قبل أن تسفيك كف القدر
المفردات :
تناثرت : تفرقت ، انعم : استمتع ، تسفيك : تذره أو تحمله والمراد تقتله ، القدر : قضاء الله .
الشرح :
يستمر الشاعر في تقديم النصيحة مبينا أن أيام العمر تمر بنا وتتفرق بلا فائدة كالأوراق اليابسة للأشجار التي لم تعد تفيد الشجرة ،ويدعو بأن ينعم الإنسان بكل ما يعود عليه بالبهجة والسرور وراحة النفس قبل أن يفاجئه قضاء الله بالموت الحتمي .
الجماليات :
تناثرت ..... ، تناثر .... : أسلوب خبري الغرض منه التقرير .
انعم ..... : أسلوب إنشائي طلبي أمر الغرض منه النصح والإرشاد .
تناثرت أيام هذا العمر تناثر الأوراق حول الشجر : تشبيه تمثيلي شبه أيام العمر ومرورها بالأوراق اليابسة المتناثرة حول الأشجار .
من قبل أ تسفيك كف القدر : استعارة مكنية ، شبه القدر بالإنسان وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من لوازمه ( تسفي ) .
( 10 )
الإيمان بالقضاء والقدر :
علام تشقى في سبيــــل الألم
ما دمت تدري أنّك ابن العدم
الدهر لا تجــــــــري مقاديره
بأمرنا فارض بما قــــــد حكم
المفردات :
تشقى : تعاني ومضادها تسعد ، سبيل : طريق ، الألم : الحزن ، تدري : تعلم وتعرف ، العدم : الفقر ، الدهر : الزمن وجمعها أدهر ودهور ، مقاديره : مفردها مقدار وهو القضاء والحكم ، ارض ( رضي ) : اقبل ، الحكم : القضاء .
الشرح :
يتعجب الشاعر من بحث الإنسان عن التعب والشقاء وسعيه المستمر في طريق الألم بتفكيره الدائم في الدنيا ورغبته فيها وهو يعلم متيقنا أنه للفناء والعدم ، ويستخلص حكمة فبما أن حكم الدهر وقضاءه لا يجري بأمرنا إنما بأمر الله فعلينا أن نرضى بقضاء الله وحكمه .
الجماليات :
علام تشقى؟ : أسلوب إنشائي طلبي استفهام الغرض منه التعجب .
أنك ابن العدم ، الدهر لا تجري ....: أساليب خبرية للتقرير .
ارض بما قد حكم : أسلوب إنشائي طلبي أمر الغرض منه النصح والإرشاد .
العلاقة بين السطرين الثالث والرابع علاقة السبب والنتيجة .
أنك ابن العدم : كناية عن الموت والفناء .
استعارة مكنية ، شبه العدم بالأم وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من لوازمه ( ابن)
نقد الرباعيات :
تمهيد :
يجمع معظم النقاد على أن ترجمة أحمد رامي لرباعيات الخيام هي أشهرها في اللغة العربية وأبدعها أسلوباً وأرقها لفظاً ، وفي الحقيقة على الرغم من بعض العيوب فيها إلا أنها تعد أرقى ترجمة عربية للرباعيات .
الأفكار :
لعل الفكرة الأساسية التي تناولتها الرباعيات هي حديث الشاعر عن مشكلة الإنسان في هذا العالم وماذا يفعل أمام الموت ؟ هل يستسلم للموت ويقعد عن العمل منتظراً الأجل ؟ أم يسرف في الانحلال واللذة طالما أن الموت نهاية كل حي ؟
وقد تناولت الرباعيات التي معنا عدة أفكار جزئية منها الدعوة للاستجابة لداعي الإيمان وبيان تقصير الإنسان في حق ربه وعبادته وأن الحب وحده هو الذي يقربنا إلى الله وعلينا أن نجعل من الحب أملا في توبة الله ومغفرته وندعو للعودة إلى طريق الله وكلنا أمل في رحمته لأن الحياة مصدر للألم وإذا أردنا الفوز بالدنيا لن يكن ذلك إلا بالإيمان بقضاء الله وقدره والعمل على طاعته .
الألفاظ :
استخدم الشاعر ألفاظا سهلة يسيرة مما تجعلنا نشعر أن بعض الرباعيات أقرب إلى النثر منها إلى الشعر وأكثر من الألفاظ الصوفية حول الوجود والعدم والعشق الإلهي مما دفع الصوفية لإدخال أشعار عمر الخيام في أورادهم .
العاطفة :
العاطفة صادقة تنبع من نظرة عمر الخيام إلى الإنسان هذا الكائن الذي يستحق الغفران أكثر من العقاب مما جعله يشفق على هذا الإنسان وانتهى به هذا الشعور إلى التصوف .
الصور والأخيلة :
استخدم الشاعر الخيال الجزئي من تشبيه واستعارة وكناية التي تعطي لمسة من الغموض المستحب الذي يحرك الوجدان نحو التوبة والعودة إلى الله والتفكر في حياة الإنسان .
المحسنات البديعية :
استخدم الشاعر المحسنات ( الطباق والمقابلة والجناس ) بغير تكلف لتوضيح المعنى وإثارة الذهن .
الأساليب:
راوح الشاعر بين الأساليب الخبرية التي تفيد التقرير لإظهار حالة الشاعر النفسية والأساليب الإنشائية التي تثير الذهن وتحرك المشاعر والأحاسيس من استفهام ونداء
الموسيقى :
قسمت القصيدة إلى رباعيات تتكون من أربعة أسطر ، التزم بالسطر الأول والثاني والرابع بروي واحد ، وخالف في السطر الثالث من كل رباعية ، ويعد ذلك نوع من التجديد .. والتزم بوحدة الوزن الشعري .
الوحدة العضوية :
تمثلت في القصيدة الوحدة العضوية بكل مقوماتها :
* وحدة الموضوع : فالقصيدة كلها تدور حول موضوع واحد هو التأمل في حياة الإنسان والشفقة عليه من العقاب .
* وحدة الجو النفسي : فقد سيطر على الشاعر مشاعر الخوف والألم والأمل.
نوع التجربة :
التجربة إنسانية عامة حيث نجد الشاعر يشعر بضعف الإنسان في هذا العالم متعمقا في هموم القلب الإنساني داعيا إلى الاندماج في الحياة حتى ينسى الإنسان آلام الحياة وبخاصة الموت .