عبد الكريم الكرمي (1909-1980) ولقبه أبو سلمى، شاعر فلسطيني ولد في مدينة طولكرم، أنهى مراحله التعليمية حتى الثانوية في دمشق، ثم انتقل إلى القدس، التحق بمعهد الحقوق في القدس وعمل في حقلي التدريس والمحاماة، ثم انتقل إلى بيروت وعاش فيها بقية عمره.[1]
ولد عبد الكريم بن سعيد بن علي الكرمي في مدينة طولكرم بفلسطين عام 1909 م، وعاش في أسرة اشتهرت بالعلم والدين والأدب، فقد نبغ عدد من أفرادها كعلماء وأدباء، فهو شقيق الأديبين أحمد شاكر الكرمي وحسن الكرمي ومحمود الكرمي وعبد الغني الكرمي. والده الشيخ سعيد الكرمي عالم مشهور، وأحد طلائع رجال النهضة العربية المعاصرة.. كان فقيهاً بالدين واللغة، وشاعراً وأديباً يجيد الخطابة وكان أحد ثمانية تأسّس منهم المجمع العلمي العربي بدمشق، ونائباً لرئيس المجلس.. وعمل من بعد سنة 1922م قاضياً للقضاة في حكومة شرق الأردن، ثم رئيساً لأول مجمع علمي في الأردن، وتوفي في طولكرم سنة 1935م.
وكان الشيخ سعيد شديد العطف على إبنه عبد الكريم، وكان يحرص على أن ينشأ على أفضل الصّفات وأكمل السّجايا وقد ترعرع عبد الكريم على هذا العطف ونشأ على تشجيع والده له، وتغذّى بلبان العلم والأدب.
تلقى عبد الكريم دراسته الابتدائية في مدرسة طولكرم الحكومية وفي عام 1918م انتقل إلى دمشق، وواصل دراسته. وفي دمشق كان يحضر مجلس والده، وفيه أهل علم وأدب، فكان يستفيد كثيراً من مجالس العلم، ويقرأ الكتب الأدبية النافعة وقد أتاحت له مجالس العلم هذه تكوين خبرة اجتماعية وإثراء ثقافته وتكامل شخصيته.
في منتصف عام 1922م غادر والده دمشق إلى عمّان حيث أصبح قاضياً للقضاة ورئيس مجلس المعارف، فانتقل معه، ودرس سنة واحدة في مدرسة السّلط الثانوية.. ثم غادر عبد الكريم إلى دمشق ليلتحق بمدرسة التجهيز الأولى (مكتب عنبر) وخلال دراسته في المكتب تعرّف إلى فتاة تدعى (سلمى) فأحبّها ونظم فيها قصيدة، وحين علم أساتذته بذلك كنّوه بأبي سلمى وبعد حصوله على شهادة البكالوريا السورية عام 1927م، قصد بيت المقدس، وعُيّن معلماً في المدرسة العمرية، ثم انتقل إلى المدرسة البكرية، ثم المدرسة الرشيدية وانتسب إلى معهد الحقوق في القدس حيث نال منه شهادة المحاماة.
في عام 1936م أقالته السّلطات البريطانية من التدريس، فقد نظم قصيدة نشرتها مجلة الرسالة القاهرية بعنوان (يا فلسطين) هاجم فيها السلطات البريطانية لعزمها على إنشاء قصر للمندوب السامي البريطاني على جبل المكبّر الذي زاره الخليفة العادل عمر بن الخطاب.. فاستدعاه مدير التعليم البريطاني (مستر فرل)، وأبلغه قراره بفصله من العمل. بعد أن فقد أبو سلمى وظيفته التعليمية بالقدس، ضمّه صديقه إبراهيم طوقان إلى دار الإذاعة الفلسطينية، واستمرّ يعمل في جهازها الإعلامي إلى أن استقال من عمله.
في عام 1943م قصد أبو سلمى مدينة حيفا وافتتح مكتباً زاول فيه مهنة المحاماه، وبدأ عمله بالدفاع عن المناضلين العرب المتهمين في قضايا الثورة الفلسطينية. وأصبح في فترة قصيرة محامياً مرموقاً في فلسطين، وظل يعمل في حقل المحاماة حتى عام 1948م، حيث اضطر إلى مغادرة حيفا نازحاً إلى دمشق وهناك زاول مهنة المحاماة والتدريس، ثم عمل بوزارة الإعلام السورية وأسهم في العديد من المؤتمرات العربية والآسيوية والإفريقية والعالمية. في عام 1980م وافته المنيّة، ودفن في دمشق.