أقلام واعدة
مرحباً بك عضواً جديداً في منتدى أقلام واعدة
أقلام واعدة
مرحباً بك عضواً جديداً في منتدى أقلام واعدة
أقلام واعدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أقلام واعدة

إشراف المعلم: سلامة رزق الله
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصيدة البلبل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المعلم
المدير العام



عدد المساهمات : 1981
تاريخ التسجيل : 27/08/2007
العمر : 65

قصيدة البلبل  Empty
مُساهمةموضوع: قصيدة البلبل    قصيدة البلبل  Emptyالخميس 12 مايو 2011, 21:17

البلبل
أولاً : الشكل
المفردات:
الصَّبابة – الصَّبا – شجياً – مِرجَل – مِشعَل – لوعة – ينساب – يسري – الوجد – دوحة – تُعوِل- الوشاة – الصادح – المِدْرَه – الفيصل – ترفُل – يحتفي – تحفَل – التصنُّع – الخُطوب – يُذهل – مَحْفِل – موئل – الحِمَى – العبقري – ترتِّل – لؤم.

التراكيب:
نُكِبتَ بِـ – خفيفٌ على – يسري إلى – بعيداً على – تُحِسُّ بِـ – صفقوا لِـ – ترحَّب بِـ – تنزل بِـ – يحتفي بِـ .

ضبط بنية الكلمات:
الصَّبا ( بفتح الصاد المشددة وهي تختلف في المعنى عن كلمة الصَّبا بكسر الصاد) – حُمَّلتَ (بضم الحاء وكسر الميم المشدَّدة) – حُمَّلوا ( بضم الحاء وكسر الميم المشدَّدة) – مِرجَلٌ (بكسر الميم وفتح الجيم) – مِشعَل ( بكسر الميم وفتح العين) – تُعْوِلُ ( بضم التاء وتسكين العين وكسر الواو) – ينقُلُ ( بضم القاف وليس كسرها) – المِدْرَهُ ( بكسر الميم وتسكين الدال وضم الهاء) – تحفِل ( بكسر الفاء) – مَحفِل ( بفتح الميم وكسر الفاء) – تَوَهَّمْتَها ( بتسكين الميم وفتح التاء).
الأساليب اللغوية:
الاستدراك: - خفيفٌ على الغصن لكنما فؤادك من لوعةٍ مُثْقَلُ.
النفي: - ولستَ بعيداً على ناظريه.
- ما إنْ تُحِس بمن يحتفي بك . (إنْ = لا).
- وتبكي لفنِّك لا للخطوب.
الاستفهام: - فمالك من أجله تعوِل؟ ( استفهام غرضه التعجب).
- أفي عالم الطير لؤم الوشاة؟ ومن يتجسس أو ينقل؟
النداء: - بعثتَ الصبابة يا بلبلُ.
- أيها البلبل العبقري.
الأمر: - تنفَّسْ.
دلالات الألفاظ والعبارات :
- غناؤك يملأ مجرى دمي: دليل على شدة تأثيره على الشاعر.
- ويفعل في القلب ما يفعل: دليل على أنه يفعل الكثير في قلب الشاعر.
- نُكِبْتَ بما نُكِبَ العاشقون: دليل على شدة ما يعاني هذا البلبل من الوجد والفراق.
- هدوؤك في طيَّه مرجل...إلخ: دليل على أن المظهر لا يدل دائماً على الجوهر.
- أنينك ينساب بين الغصون: دليل على سلاسة صوت البلبل وعذوبته.
- ألفاظ تدل على الحزن: شجيًا – لوعة – أنينك – تُعوِل – تبكي.
- ألفاظ تدل على التفاؤل والسعادة: تنفس – أنفاسك الخالدات – روح الرياض – تغني –
ترقص – ترحب - بالشمس.
- فأنفاسك الخالدات روح الرياض: دليل علىأن صوت البلبل كأنه يبعث الحياة في الرياض.
( جمع روضة)
- غناؤك للطبع...إلخ: دليل على أنَّ غناء البلبل وليد الفطرة وليس للتصنُّع والافتعال.
- دلالات بعض الألفاظ:
- بعثتَ : دليل على الحياة.
- نُكبتَ: دليل على عمق مصائب الشاعر.
- حُمَّلتَ: تدل على المبالغة وثقل الأحمال.
- حُمَّلوا: جاء الفعل مبنياً للمجهول للدلالة على أن الأشياء التي
حملوها ليست محدودة ولا معلومة.
- ينساب: تدل على سرعة الجري والتدفق.
- الشمس: توحي بالجمال والحرية.
- الشروق: توحي بالانشراح والسعادة والإشراق.

الصور الجمالية:
- بعثتَ الصبابة: شبَّه الصبابة بكائن حي يُبعث بعد موته.
- كأنك خالقها الأول: شبَّه البلبل بالخالق الأول للصبابة( لا يجوز دينياً).
- غناؤك يملأ مجرى دمي: شبَّه الغناء بسائل متدفق يجري في عروقه مجرى الدم.
- ترتل فن الهوى والصَّبا: شبَّه غناء البلبل بترتيل القرآن ( لا يجوز دينياً).
- هدوؤك في طيَّه مرجل: شبَّه ما يخفيه البلبل من حب ولوعة وشوق بالقِدر الذي يغلي,
وشبَّه الهدوء بغطاء القِدر الذي يخفي ما يغلي بداخله.
- وريشك من تحته مشعل: شبَّه قلب البلبل تحت ريشه بالنار المتَّقدة تحت الرماد.
- أنينك ينساب بين الغصون كما انساب من نبعه الجدول: شبَّه صوت أنين البلبل حين نسمعه
بين الأغصان بماء الجدول الذي ينساب مسرعاً.
- ويسري إلى القلب مسرى الحياة: شبَّه الشاعر أنين البلبل بماء الحياة الذي يجري متسلسلاً
إلى القلوب فيحييها.
- نُكِبتَ بما نُكِبَ العاشقون وحمَّلت في الحب ما حُمَّلوا: شبَّه البلبل وقد ابتلي بمفارقة إلفه وبما
أصابه من حزن وحسرة, بالإنسان العاشق الذي سُعي بينه وبين من يحب ويهوى.
- فأنفاسك الخالدات روح الرياض التي ترفل: جعل الشاعر أنفاس البلبل أنفاساً خالدة تبعث
الحياة في الحدائق, وتصوَّرها كائناً حياً يزهو ويتبختر في هذه الحدائق.
- تغني وترقص في دوحةٍ كأن أزاهيرها محفل: شبَّه أزهار الدوحة التي يغني فيها البلبل
ويرقص بالمحفل ( وهو مكان الاجتماع أو الاحتفالات).
- ترحب بالشمس قبل الشروق: شبَّه الشمس قبل شروقها بالضيف العزيز, وشبَّه البلبل
بصاحب البيت الذي يرحَّب بذلك الضيف.
- كأن حِماكَ لها موئل: شبَّه حِمى ذلك البلبل بالملجأ الذي تأوى إليه الشمس.
- توهْمتَها وقَفَتْ نفسَها لوكركَ ضيفاً به تنزلُ: شبَّه الشمس بالرجل الذي يحلُّ ضيفاً في وكر
البلبل, كما شبَّه الشمس بإنسان له إرادة حيث آلت على نفسها أن لا تنزل ضيفاً إلا في وكر
ذلك البلبل.
- أيها البلبل العبقري: شبَّه البلبل بالإنسان العبقري بالغ الذكاء.
ثانياً: المضمون
الفكرة العامة:
وصفٌ لبلبلٍ يرسل ألحانه, وتأثُر الشاعر العميق بهذه الألحان الحزينة.

الفِكَر الجزئية:
- رؤية البلبل تثير الشوق وتحييه في نفس الشاعر. ( أثر رؤية البلبل)
- غناء البلبل يجري في الشاعر مجرى الدم في العروق. ( تأثر الشاعر بغناء البلبل)
- غناء البلبل ترتيل حزين يعبِّر عن الهوى والعشق والحنين.
- حال هذا البلبل هو حال كل العاشقين ويعاني مما يعانون.
- ظاهر البلبل الهدوء ولكنه يخفي ثورة عارمة وناراً متَّقدة.
- وزن البلبل خفيف ولكن حمله ثقيل بالأحزان والهموم.
- يسري أنين البلبل كانسياب ماء الجدول من النبع.
- يؤثر أنين البلبل في قلب الشاعر فيحييه وإنْ كان فيه من شدة الحب ما يقتل.
- إن حبيب هذا البلبل لا يفصله عنه سوى خميلة.
- فأنت أيها البلبل لستَ بعيداً عنه فلماذا البكاء والعويل؟!
- هل السبب هم الوشاة أو من يتجسسون وينقلون الأخبار كما هو عند البشر؟
- فيا أيها البلبل العبقري المطرب السيد الذي يفصل بين الحق والباطل.
- تنفَّسْ بحرية, لأن أنفاسك هي كالروح بالنسبة للرياض والحدائق.
- فأنت تغني لأن من طبعك الغناء ولا تهتم بأثره على الآخرين.
- وتُنشِد وحدك ولا تحس أو تهتم بمن يحتفل ويهتم بغنائك.
- وترفض التظاهر بما ليس فيك حتى وإن صفقوا وهللوا لك.
- وتبكي لأن ذلك من فنك, وليس حزناً على المصائب حتى وإن كانت هذه المصائب
كبيرة جداً.
- وتغني وترقص في دوحة جميلة أزهارها تشبه مكان الاحتفال .
- وتقوم قبل شروق الشمس للترحيب بها كما لو كان حِماك مستقرَّاً وملجأً لها.
- فقد تخيلتَ تلك الشمس وقد جعلت نفسها رهينة وكرك فتحل ضيفاً عليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://dar-alkalima.forumotion.com
المعلم
المدير العام



عدد المساهمات : 1981
تاريخ التسجيل : 27/08/2007
العمر : 65

قصيدة البلبل  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصيدة البلبل    قصيدة البلبل  Emptyالخميس 12 مايو 2011, 21:19

ثالثاً:التحليل الأدبي
التمهيد:
أ- نوع النص: النص من الشعر الغنائي الذي يقوم على التعبير عن الحالات الوجدانية من عواطف وانفعالات, فتجربة الشاعر في هذا النص تجربة ذاتية, حيث جاءت قصيدة البلبل لوحة شعرية وصفية صوَّر فيها الشاعر بلبلاً يرسل ألحانه الشجيَّة, ويصدح بغنائه عن سجية في أحضان الطبيعة, ويعبَّر فيها عن تأثره العميق بهذه الألحان الحزينة.
ب- صاحب النص: محمد محمود الزبيري, شاعر يمني ولد في صنعاء سنة 1919م تلقَّى علومه في حلقات المساجد, ثم في المدرسة العلمية في صنعاء, ثم التحق بكلية دار العلوم في القاهرة سنة 1939م, وكانت حياته في وطنه حافلة بالنشاط السياسي, فسُجن وأُبعد عنه قسراً مرات عديدة, ثم عاد إليه عقب نجاح ثورة 1962 م, وشغل منصب وزير التربية والتعليم إلى أن توفى عام 1965م. واكب الشاعر أحداث وطنه, ونظم شعره في التعبير عن معاناة الشعب اليمني وهمومه الذاتية. جمع شعره في ثلاثة دواوين هي: (ثورة الشعر) و( صلاة في الجحيم) و( نقطة في الظلام).
ج- العصر والبيئة التي ظهر فيهاالنص: ظهر النص في القرن العشرين, وذلك عندما أُبعد الشاعر عن وطنه بسبب نشاطه السياسي ضد الاستعمار البريطاني, فنظم هذه القصيدة للتعبير عن همومه وحنينه لوطنه الذي أُبعد عنه.
د- مناسبة النص: تألم الشاعر بعد نفيه عن وطنه, فشدا الشعر منفَِّساً عن أحزانه, ولاذ بالطبيعة التي أَحَّبها, فخلع أحزانه على بلبلها, ولكنه لم يفقد الأمل في مستقبل وطنه وعودته إليه.

تحليل المضمون تحليلاً أدبياً:
الموضوع وأهميته:
يتحدث الشاعر في هذه القصيدة عن شوقه وحنينه إلى وطنه بعد أن نفي عنه وجعل من البلبل محرِّكاً لمشاعر الشوق والحنين إلى هذا الوطن. وموضوع الشوق للوطن موضوع في غاية الأهمية لمن تغرَّب عن وطنه وعاش بعيداً عنه ، سواءً بالنفي- كما حدث للشاعر- أو بالهجرة- كما يحدث للبعض لسبب من الأسباب – أو لمن يسافر بعيداً عن وطنه طلباً للعلم أو التجارة ......إلخ.
الأفكار وترابطها:
جاءت أفكار القصيدة مترابطة, وإن كانت غير متسلسلة تماماً, كما لو كانت أفكاراً متداعية, كل فكرة منها تستجلب فكرة أخرى.
فالشاعر قد رأى بلبلاً يطير بعيداً عن وطنه فبعث في نفسه الشوق والحنين للوطن لأنه يفتقر إلى العيش في وطنه, ثم نجده يسمع غناء البلبل فيسري هذا الغناء في مجرى دمه, ويخال هذا البلبل يرتل ترتيلاً حزيناً من شدة شوقه لأهله ووطنه ، كيف لا, وقد ابتلي ذلك البلبل بما ابتلي به العاشقون من وجدٍ ولوعة وفراق للأحبَّة والديار. فهذا البلبل يغلي شوقاً وحنيناً ، وإن كان لا يظهر عليه ذلك , ولا يحس به إلا الشاعر الذي يسمع حنينه فيؤثر في قلبه ووجدانه. ثم يستغرب الشاعر من هذا البلبل الحزين على فراق إلفه وحبيبه رغم أنهما ليسا بعيدين عن بعضهما, إنما تفصلهما دوحة فقط , وليس إلفه بعيداً عن ناظريه, فلماذا البكاء والعويل؟! أم أنَّ هناك الوشاة والحاسدون الذي يحاولون التفريق بينهما, تماماً كما يحدث لدى البشر؟!
بعد ذلك يخاطب الشاعر البلبل طالباً منه عدم الحزن والبكاء والعويل, وكأنه يوجه الخطاب لنفسه الحزينة الشاكية الباكية, طالباً منها أن لا تكترث بأي شئ, بل تسرح وتمرح وتغني تفاؤلاً بقرب الفرج والعودة إلى الوطن والأهل والأحباب.
عمق المعاني: تتسم معاني القصيدة بالعمق وعدم السطحية, فهي تشتمل على جوانب عاطفية وفكرية عديدة, كالشوق والحنين للوطن, والتأثر الشديد بالبلبل الحزين لفراق إلفه. وقد بالغ الشاعر واشتطَََََّ كثيراً في تصوير معانيه, فجعل البلبل خالقاً أول للصبابة, وجعل غناءه ترتيلاً لفن الهوى والصَّبا, بل جعل في عالم البلابل وشاة وجواسيس وناقلين للأخبار بين المحبين.
سمو المعاني: تدعو القصيدة إلى معانٍ سامية نبيلة كالشوق للوطن والحنين إليه, والشوق للأهل والأحباب, والتفاؤل بقرب الفَرَج. ولكن هناك بعض المعاني غير السامية كتصوير البلبل بالخالق وتصوير غناءه بالترتيل, فهذا محذور دينياً.
شمول المعاني:
- يدور النص حول واقع إنساني يتعرض له البشر, وهو البعد عن الأهل والوطن, والشوق والحنين إليهم, وتمني العودة إليهم.
- كما أن العواطف التي عبَّر عنها الشاعر في قصيدته عواطف إنسانية تقع في جوهر الإنسان وطبيعته, حتى وإن خلعها الشاعر على ذلك البلبل الحزين.
- وأما القيم والاتجاهات التي تحملها القصيدة فهي كلها قيم إنسانية ليست خاصة بفرد دون فرد أو شعب دون آخر، كالشوق للوطن, والتفاؤل, ورفض التصنُّع، والاستمتاع المباح بالمناظر الطبيعية، والبعد عن الصفات السيئة كالتجسس والوشي.
جدة المعاني وأصالتها:
أ ـ كثير من المعاني الواردة في القصيدة تتميز بالجدة والأصالة من مثل:
- تشبيه البلبل بالخالق الأول للصبابة.
- تشبيه غناء البلبل بالترتيل.
- جعل الهوى والصَّبا فناً له أصوله وقواعده.
- تشبيه أنين البلبل بانسياب الجدول من نبعه.
- تشبيه الدوحة بالمحفل.
- ترحيب البلبل بالشمس كما لو كانت ضيفاً عزيزاً.
ب ـ وهناك الكثير من المعاني المعادة المكرورة مثل:
- تشبيه البلبل بالعاشقين وتشبيه معاناته بمعاناتهم.
- تصوُّر أن هناك وشاة وجواسيس وناقلي أخبار في علام الطيور أيضاً.
- بكاء البلبل وشدوه وحنينه.
- تشبيه الشاعر نفسه ( ضمناً) بذلك البلبل الحزين.
- العاطفة: الطابع الغالب على القصيدة هو الأسى العميق, والحزن الشديد, والشوق والحنين, وهي عواطف صادقة نظراً لأن الشاعر كأن بعيداً عن وطنه واهله وأحبابه, فالقصيدة تعبَّر عن عواطفه حقيقةً وليس تصنُّعًا أو تكلُّفًا. وقد جاءت هذه العواطف قوية جياشة نحسُّها تخرج من صميم قلبه نارًا ملتهبة، ونلمس صدق العواطف وقوتها من خلال مايلي:
•الألفاظ التي استخدمها الشاعرمثل: الصبابة – الهوى – الصَّبا – شجيًا – نُكِبْتَ – حُمِّلت – مرجل – مشعل – مثقل – أنينك – الوجد – ما يقتل – تُعوِل – لؤم – تبكي – الخُطوب – يُذهِل.
•المعاني التي استخدمها الشاعر لدرجة أنه اشتطَّ كثيرًا في بعضها مثل:
- كأنك خالقها الأول.
- غناؤك يملأ مجرى دمي.
- يفعل في القلب ما يفعل.
- ترتل فن الهوى والصَّبا.
- هدوؤك في طيِّه مرجل.
- أنينك ينساب بين الغصون كما انساب من نبعه الجدول.
- وفيه من الوجد ما يقتل ----- إلخ.
الخيال: أبرز ما يتجلى به الخيال هو إضفاء المشاعرالإنسانية على الجمادات والحيوانات والطيور، وقد ظهر ذلك في القصيدة مثل:
- تشبيه البلبل بالعاشقين وما يعانون من لوعة ووجد.
- تخيُّل أن هناك وشاة في عالم الطير والبلابل كالوشاة بين المحبين في عالم البشر.
هذا إضافة إلى بعض الأخيلة الواردة في القصيدة مثل:
- تخيُّل الغناء شيئًا ماديًا( سائلاً) يجري في أوردة الشاعر وشرايينه .
- تخيل البلبل إنسانًا يرتل آيات من ذكر الحكيم.
- تخيل أنين البلبل جدولاً رقراقًا ينساب من نبعه ليسقي الظمآى.
- تخيل البلبل يغني وحوله الجموع المصفقة المهلِّلة، وهو لا يأبه بتصفيقهم وتهليلهم.
- تخيل البلبل يرحب بالشمس وقد حلَّت ضيفًا عزيزًا عليه.

3- تحليل الشكل تحليلاً أدبيًا:
•الألفاظ: جاءت ألفاظ القصيدة سلسلة تتميز بالسلامة والبساطة والوضوح، مع كونها قوية متماسكة تؤثر في النفس وتثير شجونها وأحزانها مثل: الصبابة – نُكبِت – مرجل – مشعل – أنينك – يسري – الوجد – تعوِل – تبكي – يُذهل.
•ولم يكن الشاعرفي هذه القصيدة حريصًا على التلاعب بالألفاظ، واكتفى بتصوير عواطفه تصويرًا بارعًا مؤثرًا.
ويمكن تصنيف بعض الألفاظ الواردة في القصيدة إلى:
- ألفاظ تدل على الشوق والحنين مثل: الصبابة – الصَّبا
- ألفاظ تدل على الحزن: شجيًا – أنينك – تُعوِل – تبكي.
- ألفاظ تدل على التفاؤل: تنفس – الرياض - الشمس – الشروق.
- ألفاظ تدل على الفرح والسعادة: غناؤك – تغني – ترقص – ترحب.
•التراكيب: جاءت تراكيب القصيدة فصيحة سلسلة لا يتعثر فيها اللسان ولا الذوق، ولا تقع فيها على تنافر في الألفاظ أو غموض أو مخالفة لأقيسه اللغة، مع استخدام التقدم والتأخير أحيانًا من مثل:
- "فؤادك من لوعةٍ مثقل" ، أصلها: فؤادك مثقلٌ من لوعةٍ .
- " كما انساب من نبعه الجدول " ، أصلها : "كما انساب الجدول من نبعه".
كذلك أكثر الشاعر من استخدام التشبيه مثل:
- كأنك خالقها الأول..
- كما انساب من نبعه الجدول.
- كأن أزاهيرها محفل.
- كأن حماك لها موئل.
ويلاحظ أن الشاعر استخدم التركيب " بعيدًا على " في البيت العاشر، والأصح استخدام "بعيدًا عن" . كذلك استخدم الشاعر التركيب " ماإنْ تحس" ويقصد هنا النفي ، أي" لا تحس"، فالتركيب بعيد عما هو دارج ومألوف.



•الأسلوب: تميز أسلوب الشاعر في هذه القصيدة بما يلي:
- غلبة عنصر العاطفة على القصيدة كلها.
- الاعتماد كثيرًا على التشبيه والاستعارة.
- بساطة الاسلوب والبعد عن وعورة الكلمات والتراكيب والمصطلحات.
- الخلو من الأخطاء اللغوية والنحوية.
- المبالغة أحيانًا كما في البيتين الأول والثالث.
- أسلوب الشاعر صور العاطفة تصويرًا بليغًا مؤثرًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://dar-alkalima.forumotion.com
المعلم
المدير العام



عدد المساهمات : 1981
تاريخ التسجيل : 27/08/2007
العمر : 65

قصيدة البلبل  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصيدة البلبل    قصيدة البلبل  Emptyالسبت 24 مارس 2012, 06:55

الرمز في قصيدة البلبل لمحمد محمود الزبيري »دراسات دلالية«(6)

العدد 1485 - الثقافية

الباحث: محمد علي أحمد ناجي

جدة العلاقات بين طرفي التراسل:
في قول الزبيري:
هدوءك في طيه مرجلٌ
وريشك من تحته مشعلٌ
غرابةٌ، في تشكيل الصورة وهي غرابة لا ترجع الى تعميق الرؤيا الشعرية والامتداد بها، بقدر ما ترجع الى جدة العلاقات بين طرفي التراسل، فقد كثر وصف الصوت بما هو من خصائص المبصرات مثلاً. ولكن قليلاً ما نجد وصف (الهدوء بالمرجل)، أو (الريش بالمشعل) أو أن تكون هناك علاقة بينهما.
ومهما يكن من أمر فإنه بات من الواضح- كما يقول د. محمد مندور- إن مثل هذا النقل أو التبادل- يقصد تبادل الحواس- لا يجوز أن يرفض كلية، لا يجوز بالبداهة أن نقبله كله.. والمقياس في الحكم عليه هو تحقيق الهدف منه، وهذا الهدف هو نقل الأثر من الشاعر أو الأديب الى القراء(1).
والنص يفيض تماماً بنقل أثر تجربة الشاعر كما هو معلوم من خلال تراسل معطيات الحواس، أو من خلال التجسيد أو التشخيص.
ويقول د. محمد مندور أيضاً: المهم ألا يفشل الشعراء مثل هذه التعابير لمجرد الرغبة في التجديد، فالشعر والأدب عامة أساسه المتين هو صدق التجربة والاخلاص في تبيين أثرها في نفس الأديب أو الشاعر، ثم الاخلاص في التماس أنجح الوسائل في نقل هذا الأثر الى نفوس الغير، وبهذا يتميز الرمز عن اللغز، ويتميز ايضاً عن الهذيان والكذب(2).

ومن صور تراسل معطيات الحواس قوله:
(
ويسري الى القلب مسرى الحياة)..
فبعد أن «انساب الأنين»، فها هو «يسري الى القلب»
والسريان هو رديف الانسياب، في هدوءه..
وعليه فإنه بتراسل معطيات الحواس في الصورة الشعرية تتوارى بين العلاقات الطبيعية (سمات الأنين) التي تربط بين عناصر الواقع، لتحل محلها علاقات أخرى مردها الى ذات الشاعر «أنينك ينساب»، وهنا تتجلى قدرة الشاعر وموهبته وأثر تجربته، واعتماده على ما سبق في ايصالها.. فتجربة الشاعر اعتمدت على الواقع واستمدتها منه، ولكنها لم تبقِ من هذا الواقع الا مفرداته، التي قام الشاعر بتنظيمها (لغوياً) في علاقات جديدة لا تنسخ الواقع ولا تحاكيه، وهي علاقات ذاتية محضة.
فليس من الضروري كما يقول - اليزابيت دور(3) أن ترتبط الصورة ارتباطاً منطقياً، وإنما توجه بقوة الحدس الى عواطف القارئ وأحاسيسه.

مزج المتناقضات:
الرمز سمة أسلوبية تتحقق قيمته بتآزر كلماته تآزراً كلياً يمتد على رقعة القصيدة، فيخلق فيها نبضاً شعرياً شاملاً.

يقول (بيار ريعري): الصورة هي خلق صافٍ من قبل الفكر لا يمكن أن تولد من تشبيه، وإنما من تقريب بين حقيقتين متباعدتين الى حد ما»(4).
ويقول د. احسان عباس: «إن كل صورة هي خلق جديد لعلاقات جديدة في طريق جديد من التعبير»(5).
ويقول د. عزالدين اسماعيل: «ففي الصورة الشعرية تتجمع عناصر متباعدة في المكان، والزمان غاية التباعد لكنها سرعان ما تأتلف في إطار شعوري واحد»(6).
وما يهمني هنا هو أن في النص صوراً جديرة بأن يطلق علىعناصرها بأن لها تناقضاً، وقد خرج الزبيري بين هذه العناصر.. فإن تباعد أوجه التقارب بين المستعار منه والمستعار له، أدى الى تكثيف الصور وتجسيم المشاعر والاحاسيس والخواطر الذهنية، والأفكار المجردة، والمناظر الطبيعية، وتحويلها الى كائنات حية، تفيض بالحركة، وتمور بالحياة، وذلك بواسطة ما تقدم من تراسل معطيات الحواس والتشخيص، ومزج المتناقضات والرمز.
فمزج المتناقضات في (جريان الغناء)، (فضاق بك الروض في رحبه)، (أنينك ينساب) (سكبت الحياة)، (ترتل فن الهوى).

وفي النص صور استعارية نذكر منها:
الصورة الأولى: استعارته النضال للعاشقين، وما تتبعه من لوعة وشوق وتعب ونصح، وشد وجذب وقرب وبعد..
نكبت بما نكب العاشقون
وحملت في الحب ما حملوا
غزتك الى الوكر مأساته
ومسك من خطبه المفصلُ
الصورة الثانية: (جناحك فيك فلم لا تطير) تجسيد للقيود النفسية والفكرية التي يعيشها الشاعر .. صورة استعارية استخدمها الشاعر لينقل الى المتلقي الحالة الانفعالية التي صاحبته في المنفى.

الصورة الثالثة:
أفي عالم الطير لؤم الوشاة
ومن يتجسس أو ينقلُ
وهل للبلابل دينٌ يصد
عن الحب أو آية تنزلُ
صورة من خلالها كان تجسيد الواقع العسكري المخابراتي في مجتمع الشاعر وهي صورة نابضة بما يريد الشاعر إيصاله من خلال الاستفهام الإنكاري، الذي نقل الإيحاء عن طريق تجسيد احساسات الشاعر وأفكاره في أشكال مادية لا يلبث أن يجردها فيتعامل معها، والزبيري ذوب الأشكال المادية حتى غدت شفافةً وقادرةً على بث ما تختزنه تجربة الشاعر ولا يتحقق ذلك الا من خلال بناءٍ رمزي متكامل.
فالزبيري في البيتين السابقين وعلى طول النص لم يتعامل مع «البلبل» على أنه شيء ، وإنما جرده ليتعامل معه على أنه حزمة مشاعر تجسدت احساساته فيه، مجللة بالأحزان، وأفقده خاصة الغناء، والطرب والاطراب فقط، وذوّب كثافته المادية وميع محدوديته، فلم يعد هذا العليل رمزاً للشجن، واللوعة فقط، وإنما أصبح رمزاً لمواطن ضائع مغترب غربة نفسية وفكرية لا يحمل همومه الفردية وإنما يحمل هموم مجتمعه الذي يتناوشه المخبرون ويصول بطوله وعرضه جواسيس النظام ومخبريه.
وللبلبل بشكل عام إيحاءٌ دلالي يساير أحداث النص، وفيما يلي الصورة الرابعة:
هدوؤك في طيه مرجل
وريشك من تحته مشعلُ

يجعل الشاعر من (البلبل) قطعة مشتعلة ناراً وهي إشارة رمزية الى الثورة والثوابت والترقب والتوتر المغلف بالهدوء وعدم الاكتراث.
ويمكن ملاحظة أن (البلبل) هو الكلمة (المفتاح في النص)، وهناك كما هو معروف طرق لاستخدام الرمز وهي:-
1.
المراوحة.
2.
الاستشفاف.
3.
الانابة.
والذي أود قوله هو أن النص ارتكز في استخدام الرمز على الطريقة الثالثة (الانابة) وهي: «أن يضع الشاعر كلمة لتنوب مناب موقف فكري او شعوري مكتمل، تستحضره في أذهان المتلقين، وإن هذه الإنابة قد تكون عنصراً من عناصر الطبيعة، أو غير ذلك من الظواهر ذات المدلولات الخصيبة(7).
وتجدر الاشارة الى أن الدلالتين الواقعية والرمزية تقفان جنباً الى جنب في حركة تفاعل مستمر، في حالة الانابة، ويتمحور عملهما في تغذية الجو الشعوري العام الذي يولده البناء الفني المتكامل للقصيدة (8).
وقد استطاع الزبيري عن طريق انابة الرمز (البلبل) وعن طريق التعبيرات والتراكيب داخل النص مثل: (أفي عالم الطير لؤم الوشاة- وهل للبلابل دين يصد؟- جناحك فيك فلم، لا تطير..) ان يوسع دائرة الايحاءات وينشر الاحساسات في كل اتجاه، ومما يجدر ذكره أن توسيع دائرة استخدام الرمز في سياق النص وبنية القصيدة.. كان موازياً للبناء المتكامل والمتآزر في تطويع الرمز لكي يمثل النفثات النفسية والخلجات العاطفية التي ما ان تغيب حتى تظهر ثانية في طيات السياق وعلى طول القصيدة.
واستطاع كذلك ومن خلال ما سبق (في النص) أن يضفي الصفات الإنسانية على ظواهر الواقع الخارجي، يبث الحياة فيها فيجعلها تحس كما يحس الإنسان ويتميز الشاعر بقدرته على التفاعل مع الأشياء من خلال رؤيته الفنية الخاصة.
والزبيري في النص (البلبل) قد أزال الحواجز (استعارياً) بينه وبين ما سواه، فإذا كل شيء ينطق ويتحرك ويعي ذاته، ويتجلى التشخيص في اضفاء السمات البشرية، وإسباغ العواطف الإنسانية على المواجدات في هذه الحياة، وبقدر تفنن الشاعر في بث الحياة الإنسانية وإلحاق الأعضاء والأفعال والأفكار، والصفات بالجمادات والكائنات الحية غير العاقلة، تكمن فنية التشخيص ونجاحه وحركيته، وهذا ما لمسته في النص، في قوله:
غناؤك للطبع لم تكترث
أضاعوا متونك أم سجلوا
وتنشد وحدك ما ان تحس
بمن يحتفي بك أو تحفل
وتأبى التصنع بين الجموع
وان صفقوا لك أو هللوا
تغني وترقص في دوحة
كأن أزاهيرها محفلُ
ترحب بالشمس قبل الشروق
كأن حماك لها موئل
توهمتها وقفت نفسها
لوكرك ضيفاً به تنزل
كأنك حاتم في خدره
يحيي الضيوف ويستقبل
أتوه فقيراً وفي صدره
فؤاد وفي فمه مقولُ
في النص السابق نلاحظ: (غناؤك- تنشد- تحس- تكثرث- تأبى- تغني- ترقص- ترحب- توهمتها- كأنك حاتم- يحيى- يستقبل...).
الأفعال والأعضاء، والأفكار، والسمات الإنسانية وهي قرائن للصورة الاستعارية التي شخِّصها الزبيري من خلال تراكيب نصه، وبالتالي (صهر عالمه، وعالم الموجودات من حوله ضمن عالم واحد جديد) ينتمي النص إليه أو فكرة النص بالأصح.
(
فالصورة التشخيصية تبرز لنا غير العاقل في صورة العاقل، وتلبسه صفات، الأشخاص فيصبح مدركاً كإدراكهم، ومحساً باحساسهم، وبذلك يكون (التعبير حيوياً، لاجامد أجوف)(9)
وكذلك (الغناء)، وهو من المجردات - المعاني- يحيله الشاعر إلى جدول لا ينساب وينسدب بين الأغصان، وقد استعار الإنسياب للغناء كناية عن الحزن والفراق وشدة الاغتراب النفسي والفكري، والغناء من منظور الشاعر( معادل موضوعي) لحزنه وغربته..
ونزعة الشاعر الى اضفاء نوع من الموضوعية والدرامية على عاطفته الغنائية هي من العوامل الفنية في الشعر العربي الحديث والمعاصر، فبدلاً من طغيان الجانب العاطفي الذاتي، يكون هناك (معادل موضوعي) أو موقف أو سلسلة من الأحداث تشكل وعاء لعاطفة الشاعر الخاصة، بحيث تتفجر هذه العاطفة في الحال عندما تقدم الأحداث الخارجية موضوعة في تجربة حسية(10).
وهناك ظاهرة أريد أن أشير اليها، وهي ظاهرة الغموض في النص وهذه الظاهرة، باتت وكأنها مسلِّم رمزية،(ولكن الزبيري لم يكن رمزياً) ومع ذلك فقد تعامل مع النص وأبرز خصائصه ومنها خاصية يمتاز بها ألا وهي (الغموض).
فإذا كانت ماهية الأسلوب الرمزي وتشكيلاته الجمالية تهيئ للمتذوق تعدد مستويات الفهم والتحليل، فهو يتقدم خطوة نحو الغموض الشفيف- وهذا ما نلحظه في نص (الزبيري)-، فهو يتقدم بعد ذلك الغموض الشفيف الى أوغال الابهام والاستغراق، لأن ذلك يتنافى مع الخصائص الفنية للتعبير الشعري، وذلك لأن عملية التوصيل من أكثر العناصر ضرورة.
ولما كانت الرموز تتغذى من عروق التجربة الشعرية بكل تعقيداتها، فإنها تصطبغ بصبغة الغموض على قدر ثرائها، ولكن الشاعر إذا لم يستطع إشراك المتلقين معه في تلك المواقف الخاصة- كما هو الحال عند الصوفي- فإن عمله الشعري يفقده تأثيره لتهدم الجسور بينه وبين المتلقين (11).
أما الزبيري من خلال نصه فقد نجح في استثارة وتوصيل تلك الأحاسيس المرافقة، وبالتالي فإن قيمة تلك المواقف الخاصة به قد تعمق وتعظم، ولفها وشاح ايقاعي من خلال النص أو بالاصح وشاح إيحائي.
ومما يجدر ذكره أن الحداثيين لا يرون الغموض عيباً.. يقول أدوينس:
«
والحق ان ليس من الضروري لكي نستمتع- الشعر أن ندرك معناه إدراكاً شاملاً، بل لعل مثل هذا الإدراك يفقدنا هذه المتعة، ذلك أن الغموض، هو قوام الرغبة في المعرفة، وذلك هو قوام الشعر، على أن الغموض بفقده هذه الخاصية حين يتحول الى أحاج ومعميات، ولهذا فإن شرطه لكي يظل خاصية شعرية أن يكون إشارة إلى أن القصيدة تعني أكثر مما يقوى الكلام على نقله: أدونيس زمن الشعر- ص21.
وقد كتبت النص كاملاً لأن يحتمل أن يتجزأ، وهو يشير أيضاً إلى أن نص (البلبل) قد لفه الغموض، ولكنه ذلك الغموض الشفيف الذي لم يوصل القارئ الى حد الابهام، أو الى الأحاجي والمعميات كما يشير أودنيس، ولكن نص الزبيري أشار الى أن هناك أكثر مما تحتمل القصيدة توصله، وهي بالتالي تعنى أكثر من تراكيبها في النص.
ويشير عزالدين إسماعيل الى أن الغموض، في الأصل ظاهرة شعرية ايجابية، حيث ان خاصيته تتعلق بطبيعة التفكير، ولذلك فإن الغموض أشد ارتباطاً بجوهر الشعر، وبأصوله التي نبت فيها(12).
والنص يدل على أن الزبيري في النص قد ارتقى بلغة الشعر من لغة نفعية الى لغة فنية إبداعية، دون أن تفقد صفتي التأثير والإمتاع.
وذلك من خلال علاقة المبدع بالمتلقي، التي ترفض الايغال في الغموض(7).
فغموض النص ناتج عن الإبداع وكثافة الطاقة الشعرية، على نحو جعل نص(البلبل) قابلاً لتعدد القراءات، وهي قابلية تبرهن على أدبية النص، وتكشف خصوصية الغموض الذي داخله، فتحول الغموض هنا من عنصر هدم الى عنصر بناء، ولولاه لما كان للنص ذلك التفرد والتميز على طول وعرض شعر الزبيري، وهذا ما أراه، وهي في الأخير لا تعدو وجهة نظر.
والغموض كما يقول د. مازن الوعر قد يكون لسانياً وقد يكون أدبياً.
(1)
الغموض اللغوي او اللساني: ويدخل في اطار اللغة عندما تكون وسيلة اتصال بين الجماعات البشرية وفق معايير محددة والخروج عن تلك المعايير يؤدي الى الالتباس، بالتالي الى الغموض.(13).
(2)
الغموض الأدبي: وهو يدخل في إطار اللغة عندما تخرج من نطاق الاتصال اللغوي الى نطاق الاتصال الجماعي، أي الانحراف الدلالي عن المعنى المتعارف عليه في الاستعمال العادي، الى معانٍ جديدة جمالية استعارية ورمزية وغيرها(14).
والفرق بين اللغتين أن الأولى تهدف الى إيصال المعنى المتلقي فحسب، أما الثانية فلا تهدف إلى إيصال الدلالة المباشرة، بقدر ما تهدف الى المتعة الجمالية والتأثير، الذي ينطوي- ضمناً- على الدلالة، وهذا ما لمسته في نص (البلبل)، ومن هذا المنطلق فإن الغموض في النص كان ضرورة شعرية، ووسيلة إبداعية وتأثيرية.
وعليه فإن التجارب الإنسانية التي خاضها الشاعر بكل أبعادها والتواءاتها وأغوارها، وما يكتنفها من غموض، كل ذلك جعل التصوير الشعري- في النص- بكل أدواته في شبه عجز اقتحام الممرات المهجورة، فانفسح المجال للرمز ليضطلع بهذه الوظيفة، وهو ما أراده الزبيري، وكان ما اراد أن وصل ما أراده الشاعر من احاسيس وفيوضات ومشاعر عبر الرمزية الى الملتقي بتلك الطريقة الفريدة التي مررنا بها، شحونة بالدلالات التي لا يعجز أحد عن استقراءها، واستجلاءها، من خلال تراكيبة النص.

بنية الرمز الإيقاعية
الألفاظ وحدات مادية، تتكون من مواد صوتية، وتتمثل في أحجام معينة، وتصاغ في أبنية صرفية تجعل منها أدوات للجمع والترتيب، والخزن والتأليف، والعد والأحصاء(15).
وهذه الألفاظ أو الوحدات هي التي يتشكل منها النظام الايقاعي في أصوات متضامة، في سياق لغوي مميز، هو السياق الشعري.
ويأتي «الإيقاع» في مقدمة الخصائص الجمالية في الشعر العربي أو من ثم كان مدار البحث البلاغي عند العرب.
ولفظ الإيقاع في الأصل من مصطلحات علم الموسيقى، لا من مصطلحات علوم اللغة بوجه عام، وليس كذلك من مصطلحات علم العروض بشكل خاص(16)
ولذلك عمد بعض الدراسين الى الفصل أو التفريق بين الإيقاع والوزن، باعتبار أن الإيقاع ظاهرة صوتية أعم من الوزن، وأنه وقف على المادة الصوتية لا يتعداها.
والايقاع عبارة عن ترديد ظاهرة صوتية «ما» على مسافات زمنية محددة النسب، وهذه الظاهرة قد تكون ارتكاناً كما قد تكون مجرد صمت (17).
أي أنه تتابع منتظم لمجموعة من العناصر، والكلام للدكتور محمد مندور الذي يتضح من كلامه أن الوزن الشعري يتحقق بالكم الزمني، أما الإيقاع فلا يتحقق إلا بالكم الزمني والنبر معاً.
ويزيد هذا التفسير ان الدراسات اللغوية الحديثة أثبتت أن لكل صوت لغوي- حسب العوامل المتحكمة في نطقه- خصائص ثلاث هي:-
(1)
المدى الزمني.
(2)
النبر.
(3)
التنغيم.
وهذه العناصر، تعد من أبرز عناصر الإيقاع باعتباره نظاماً ارشادياً دالاً، وهي العناصر القائمة موضوعياً في الصوت اللغوي حين ينتظم في السياق الشعري.
فمهمة الشاعر الحقيقي أو من مهامه هي خلق تركيب صوتي يتساوى فيه جوهر الحالة الشعرية مع الشكل اللفظي، وهذا ما حدث في قصيدة (البلبل) للزبيري.
«
فمهمة الفن أن ينتمي ويرتب بحيث يوجد تركيباً كلامياً، وقل موسيقياً، فيه من الأصوات تمازجها، جهيرها والخفية...(18).
ولا شك في أن القصيدة أكبر ما تحويه أو من مجرد مقاطع قائمة بذاتها، ومن إيقاع وكلمات انها خلق كلي وكائن عضوي في ذاته، والإيقاع يجعل من القصيدة عالماً سحرياً، يمكن هذا السحر في القسر الذي يستوي به الإيقاع على الانتباه.
فالقارئ أو المستمع يجد نفسه وقد تكيف مع حالة مزاجية محددة، وفي تيار إيقاع شعري بذاته، هنا تصبح خفقة قلب الشاعر، وخفقات قلوبنا شيئاً واحداً، لذلك فإن ما يتصف به الإيقاع من رخامة وسلاسة وامتاع لا يكفي في حد ذاته لتعليل أثر الشعر.
وذلك ما نجده في قصيدة «البلبل» بشكل عام، فإن بحر المتقارب الذي صاغه الشاعر منهجاً ايقاعياً للقصيدة، قد جعل خفق قلبه مع خفقات قلوبنا شيئاً واحداً، فالنسق الشعري الذي أدى دلالة الرمز متوازياً مع بحر المتقارب الراقص، القريب الى النفس، وكأن المتلقي من خلال تفاعله يقول« وماذا بعد؟».
والجميل أن بحر المتقارب أدى دلالة الرمز الحزينة كما لن يؤديها بحر آخر، أصبح «الرمز»- البلبل- في سياق البحر له شبيه آخر، ومذاق خاص، نقله من الحالة اللفظية المجردة للكلمة الى حالة ضمن تركيب وضمن سياق يؤديه.
وقد لعب النغم الذي ولدته القافية «اللام» دوراً كبيراً في تهيئة نفوس المتلقين لمزيد من توسيع الأرضية التي تمتد فوقها ومن خلالها ايحاءات المعاني، وشغلت القوافي المتجانسة «الصبابة- بلبل» بإن في الكلمتين، كمثل نسوقه لذى الأمداء المتقاربة، للسياق الأمر الذي جعل نغم القصيدة قائماً من بدايتها.
بعثت الصبابة يا بلبل: كأنك خالقها الأول، الى نهايتها.
إن موسيقى الشعر عند الرمزيين مشروطة بمدى تجانسها وحساسيتهاوقدرتها، على نقل اهتزازات الحياة الباطنة ورعشاتها، وليس عبر موافقتها لقواعد العروض التقليدي، فالموسيقى صورة نفسية قبل أن تكون نظاماً من الإيقاع والنغم (19).
وعليه فإن الملتقي في القصيدة أصبح يسمع ويفهم ويعي ويحس، ويحزن، وتلتهب عواطفه، وتتأجج مشاعره كإنسان، وكيمني، وتنبعث كوامنه الوطنية الحرة، وذلك من خلال التركيب الرائع للرمز في هذا السياق وضمن هذا البحر.
ولا غرو ففي التاريخ فايتكم عن بحر المتقارب:
وذلك حين مدح الخليفة من قبل أبي العتاهية حين قال:

أتته الخلافة منقادةً إليه تجرجر أذيالها
فلم تكن تصلح الا له ولم يكن يصلح إلا لها

فقال بشار لأحدهم:- هل طار الخليفة عند عرشه؟؟!!... وهكذا كان بحر قصيدة (البلبل) لمحمد محمود الزبيري، لها وقعها الخاص من بين قصائده جميعها.
ومن هنا فإن الايقاع ليس مجرد حلية جمالية خارج كيان الشعر بل انه يكمن في بناء النص الشعري، ونسيجه الداخلي (20).. فالإيقاع في الأدب خاصةً والفن عامة هو دفقات الدم المندفعة في شرايين العمل الفني (21).. ولا شك في أن موسيقى الشعر تسهم اسهاماً فاعلاً في خلق الجو النفسي الذي يجعل ارضية الصورة الشعرية أكثر أتساعاً... لكي يرقص المتلقي على ايقاعها النشوى(22).
القصيدة من بحر المتقارب فعولن فعلون فعلون فعول، والمحافظة على الوزن هي حفاظ على جوهر شاعرية القصيدة.
والوحدات الايقاعية توزعت على الاشطر توزيعاً عادلاً، فالأثر الفني والاسلوبية الايقاعية، مملوسان بوضوح لكل متلقٍ أيَّ كانت ثقافته.
فالصورة الشعرية في القصيدة بشكل عام صورة يتلاءم فيها الايقاع مع العناصر الشعرية الأخرى، المشاعر، والتعبير، والوزن، والانسجام، ولذلك منح النص قدرته على التأثير.

غناؤك يملأ مجرى دمي ويفعل بالقلب ما يفعل
سكبت الحياة الى مهجتي كأنك فوق الربا منهل
ترتل فن الهوى والصبا شجياً وان كنت لا تعقل

جرس الأصوات في المقطع السابق (يملأ- دمي) (بالقلب ما) (الربا منهل) (ترتل فن) (الهوى والصبا) (شجياً وان كنت)، كونت تراكيب شعرية لعبت دوراً خطيراً في الايحاء بالمعاني، التي يريد ايصالها الزبيري وهي معاني (الغربة- اللوعة- الحنين- الشجن- الفراق)، وكلها معانٍ تتعلق بصداح البلبل، وتغريده وغنائه، وقد سيقت هذه المعاني من خلال ايقاع منتظم، يبث الصور الرمزية السابقة الذكر.
وفي الصورة السابقة يستشف من بثه الرمز عواطف وهزات وجدانية يهيجها صداح البلبل وشدوه، وكأن القلب كان في شغل ومعزل، حتى سمع شدو البلابل التي أثارت ما سكن، وأخرجت ما كمن، كل ذلك نقله لنا الشاعر عبر الفكرة والإيقاع، جنباً الى جنب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://dar-alkalima.forumotion.com
المعلم
المدير العام



عدد المساهمات : 1981
تاريخ التسجيل : 27/08/2007
العمر : 65

قصيدة البلبل  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصيدة البلبل    قصيدة البلبل  Emptyالسبت 24 مارس 2012, 06:58

البلبل"
لشاعر اليمن محمد محمود الزبيري

لا يختلف اثنان في اليمن على أن الزبيري هو صوت اليمن الشعري إلى الوطن العربي والعالم بأسره، وعلى أن حياته وشعره قد انصهرا في بوتقة نضال اليمن من أجل حريته وتحرره ووحدته، صحفيا وزعيما ووطنيا ووزيرا وروائيا ومهاجرا وكاتبا وشهيدا.

وفي المقدمة الضافية التي صاغها الشاعر والناقد اليمني الدكتور عبدالعزيز المقالح لديوان الزبيري نجد صورة لهذه الحياة الشعرية المفعمة بالصدق والتجرد والبطولة، وتحليلا للزمان والمكان باعتبارهما عنصرا طاغي التأثير على حياة الزبيري وشعره.

يقول المقالح:

"ولد الزبيري في صنعاء عام 1328 هـ من أسرة تنتمي إلى الطبقة الوسطى، يشتغل بعض أفرادها بالقضاء والبعض الآخر بالتجارة، ونشأ شاعرنا - منذ طفولته الباكرة - نشأة روحية متصوفة، جعلته غير ميال إلى القضاء وغير مهتم بالتجارة رغم شظف العيش الذي عانى منه، فالقضاء لا يشبع رغبته وطموحه إلى اكتشاف سر الحياة وما وراء العالم المباشر، أما التجارة فكانت أبعد ما تكون عن ميوله المثالية، حتى أخرجه الشعر إلى عالم الناس وربطه بحياتهم.

بدأ الزبيري حياته النضالية في السياسة وهو طالب في القاهرة - في كلية دار العلوم - وعاد إلى اليمن حاملا مشعل التنوير من خلال جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ألفها بعد عودته، فكان جزاؤه السجن ثم الفرار إلى عدن - عاصمة الجزء المحتل من البلاد حينئذ
.

وقد تقلبت الحياة بالزبيري فهو وزير للمعارف في حكومة الانقلاب الأول الذي أطاح بالإمام يحيى عام 1948، ثم هو هارب بعد فشل الانقلاب يعيش حياة التشرد والغربة الطويلة في باكستان - طيلة خمس سنوات - يبكي مصارع الرفاق ويهدهده الحنين إلى الوطن، ثم هو بعد ثورة سبتمبر 1962 يعود وزيرا للتربية والتعليم ثم نائبا لرئيس الوزراء لشئون الإعلام والتربية، ثم هو يهجر مكتبه في المدينة ويذهب إلى الريف حتى تتوج حياته المتنوعة النضال بالاستشهاد، حيث استقرت رصاصة غادرة في قلبه الكبير، فسقط مضرجا بدمائه في 30 مارس عام 1965.

والذين يؤرخون للحركة الشعرية في اليمن، ينسبونه إلى الكلاسيكية الجديدة، ويضعونه بمثابة الرائد للشعر المعاصر في اليمن، فشعره - كما يقول المقالح - شعر الصحوة الوطنية والفنية،

وهو شاعر اليمن المطلق الذي مهد الطريق أمام الشعراء في وطنه وجعل الشعر في خدمة الوطن والإنسان، بعد أن كان الشعر والوطن والإنسان في خدمة الحاكم الطاغية، وإليه يرجع الفضل في انتشار هذا القدر من شعر الوطنية في شعر اليمن الحديث.

وقصيدة " البلبل" التي أبدعها الزبيري في أعقاب فشل انقلاب 1948 وما تلاه من مشاعر الإحباط والضياع،

نموذج فريد لتوحّد الشاعر مع هذا الطائر الجميل، الذي يشاركه مأساة ما حدث للوكر- الوطن- والذي نكب مثله بالخطب المعضل، فضاق الروض بمن فيه، واختنقت أجواؤه، فأصبح الشدو عويلا، والغناء بكاء، وامتلأ عالم الطير- كما يمتلئ عالم البشر- بالوشاة وبمن يتجسسون وينقلون ويوقعون ويسعون في الإفساد والتهلكة،

البلبل إذن نبضة رومانسية مصطبغة بظلال من الرمز الشفيف، لا يتطلب عنتا أو مشقة في جلاء معانيه ودلالاته، واستقراء صوره وألوانه وظلاله، والبنية الشعرية للقصيدة تتكامل حلقاتها في تآزر وإحكام، وتنم عن قدرة الشاعر الهائلة في تطويع اللغة الشعرية- في سهولة ويسر- لحمل الدلالات وتآلف الصور الشعرية، وتحقيق الانسجام والتآلف بين عناصر الرؤية الشعرية والحياة الشعرية داخل النص الشعري، وبث مفردات معجمه الشعري في خفة وتلقائية، بحيث تضيء كالصوى في جنبات القصيدة، وتلتمع كالمنارات على طريق القراءة الهادئة الكاشفة، ليس من قبيل الصعوبة أو المجازفة

إذن القول بأن "البلبل" هو الزبيري نفسه، وإن هذا الروض السجين المختنق هو الوطن الذي انهارت آماله ومطامحه - في لحظة من لحظات النضال المتصل - كان هذه الدعوة التي تحملها القصيدة للبلبل - في مقطعها الأخير- هي بمثابة الأمل الذي يطلقه الشاعر تعبيرا عن تفاؤله بالرغم من المحنة، وصموده في وجه عوامل اليأس والإحباط والضياع، ويقينا منه بأن الدور ينبغي له أن يؤدى حتى ولو غنى وحده، ولم يحتف أو يحفل به أحد، فغناؤه غناء طبع لا صنعة أو تكلف، كما أن نضال الشاعر نضال طبيعة وحياة لا نهزة أو اقتناص نفع أو مغنم عابر، وكما أن غناء البلبل لا ينبغي أن يكون فقط للمسرات والأفراح - بل للخطوب والأحداث الفاجعة - كذلك الشاعر المناضل، أو المناضل الشاعر، لا بد أن تكون كلماته وأفعاله دوما مغموسة بالمعاناة والألم العبقري، الذي وصفه شوقي في مسرحيته الشعرية "مجنون ليلى" بأنه أنبغ ما في الحياة:

تفردت بالألم العبقريّ **وأنبغ ما في الحياة الألم


وليس نبوغ "الزبيري" في شعره محل شك أو اعتراض، وإنما هو النبوغ المتوهج المشتعل، الذي تغذيه حياة حافلة ممتلئة، ونضال عارم لا يهدأ، وقلب يحمل بين جنباته طموح أمة وحلم وطن، وفي قصيدة البلبل بعض قسمات هذا النبوغ وبعض ملامح هذه الشاعرية، حتى وإن كانت القصيدة واحدة من قصائده المبكرة:

"البلبل"

بعثات الصبابة يا بلبل **كأنك خالقها الأول

غناؤك يملأ مجرى دمي **ويفعل في القلب ما يفعل

ويفعل في القلب ما يفعل ** كأنك فوق الربى منهل

ترتل فن الهوى والصبا ** شجياً، وإن كنت لا تعقل

وما الحب إلا جنون الحياة **وجانبها الغامض المشكل

غزتك إلى الوكر مأساته **ومسك من خطبه المعضل

فضاق بك الروض في رحبه ** وأنت بأجوائه مرسل

نكبت بما نكب العاشقون **وحملت في الحب ما حملوا

هدوءك في طيّه مرجل ** وريشك من تحته مشعل

خفيف على الغصن، لكنما **فؤادك من لوعة مثقل

أنينك ينساب بين الغصون ** كما انساب من نبعه الجدول

ويسري إلى القلب مسرى الحياة **وفيه من الوجد ما يقتل

حبيبك جارك بين الزهور ** وبينكما دوحة تفصل

ولست بعيداً على ناظريه ** فمالك من أجله تعول

جناحك فيك، فلم لا تطير ** إلى ما تحب وما تسأل؟

أفي عالم الطير لؤم الوشاة **ومن يتجسس أو ينقل؟

وهل للبلابل دين يصد ** عن الحب، أو آية تنزل؟

ألا أيها البلبل العبقري **والصادح المدره الفيصل

تنفس، فأنفاسك الخالدات ** دوح الرياض التي ترفل

جناحك آمن من ظلها ** وريشك من زهرها أجمل

وأنت السعيد الوحيد الذي **حباك الزمان بما يبخل

غناؤك للطبع، لم تكترث ** أضاعوا فنونك أم سجلوا

وتنشد وحدك، ما إن تحس ** بمن يحتفي بك أو تحفل

وتأبى التصنّع بين الجموع ** وإن صفقوا لك أو هللوا

وتبكي لفنك لا للخطوب ** وإن كان فيهن ما يذهل

تغني وترقص في دوحة ** كأن أزاهيرها محفل

ترحب بالشمس قبل الشروق **كأن حماك لها موئل

توهمتها وقفت نفسها **لوكرك ضيفا، به تنزل

كأنك "حاتم" في خدره ** يحيي الضيوف ويستقبل

أتوه فقيراً، وفي صدره ** فؤاد وفي فمه مقول !

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://dar-alkalima.forumotion.com
 
قصيدة البلبل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شرح قصيدة كن بلسماً
» قصيدة واحرقلباه
» شرح قصيدة الطالب
» شرح قصيدة أبصر
» شرح قصيدة ليت هنداً

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أقلام واعدة  :: العام الدراسي : 2010/2011 :: الصف التاسع-
انتقل الى: