قصة قصيرة

قصة قصيرة

في ليلة حالكة السواد ترك سعيد مع عائلته مهاجرا مع أناس كثيرين مثله إلى الكويت فأخذ كل أمواله وأغراضه وحاجياته وذهب والفرحة تتراقص في عيونه لأنه ظن أن بلاد الغربة ستحقق له أحلام المستقبل . فذهب إلى المطار وصعد سلم الطائرة فجلس في مقعده بجانب النافذة يتأمل الأراضي والوديان والسهول. كان بجانبه يجلس رجل طويل القامة غليظ الصوت وعريض الجنب فنظر إليه وقال أقادم أنت إلى الكويت؟ فقال نعم وأنت؟ فقال الرجل أنا من أبناء الكويت. فسأله سعيد هل الكويت جميلة؟ قال نعم. أنها أحمل مما تتخيل. فشرد سعيد في أحلامه وترك الرجل يتحدث بمفرده. عندما هبطت الطائرة على أرض المطار نزل سعيد وعلى وجهه ابتسامة خلابة وعينان بارقتان كالنجوم., وما هي إلا أيام حتى عثر سعيد على وظيفة وأصبح من أثرياء البلد ولن الحرب باغتته فنغصت عليه عيشته. فحمل كل ما بقي له من متاع وابتاع تذكرة الطائرة ليعود إلى وطنه حزينا كئيبا. بعد مرور نصف ساعة أقلعت الطائرة عن أرض المطار وأخذ سعيد يمعن النظر في سماء بلاده الصافية ومياهها العذبة وجبالها الجميلة وعلق في نجومها الساطعة وبنسيمها العليل الصافي. وهو يتأمل خارجا, جاءت المضيفة لتسأله عما يشرب, فأخذ يحادثها عن وطنه وعن أهله وأحبائه وأصدقائه حتى هبطت الطائرة على أرض المطار. نزل سعيد أدراج الطائرة ودموعه تتدفق على وجنتيه مثل قطرات المطر من كثرة تحسره على ما ضاع من عمره في الكويت. عندما لمست أرجل سعيد الأرض أحس وكأن شيئا قد قبض قلبه. فخرج يمشي في شوارعها الجميلة وفي بساتينها الخضراء حتى وصل بيته. كانت أمه جالسة في الخارج فعندما رأته ورآها ركضا الاثنان وحضنا بعضهما البعض وأقس إلا يغادر وطنه مرة أخرى وردد بارتياح: "لن أرضى بديلا عنك يا وطني